عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: حكايات النساء مع تجارة الموت

في زوايا لا تراها الكاميرات، وخلف أبواب لا تُفتح إلا لأصحاب الدم البارد، تتربع نساء على عروش من سموم. لا يُشهرن سلاحًا، لكنهن يفتكن أكثر مما تفعل الرصاصات. ليست “حسناء الشبكة المنظمة” أولى الأسماء التي تجرّدت من إنسانيتها لتحقن المجتمع بجرعة موت. بل هي مجرد حلقة جديدة في سلسلة من نساء خلعن الحياء، ولبسن قناع المافيا.

 

المعلمة نجاح.. سلطانة مصر القديمة

في مصر القديمة، حيث الحواري الضيقة والبيوت المتلاصقة، كانت “المعلمة نجاح” تسير كأنها مالكة الأرض ومن عليها. امرأة في الخمسين من عمرها، ولكن بأسلوب رجال الحواري. كوّنت إمبراطورية لتصنيع وبيع المخدرات، من الحشيش إلى الإستروكس. لم تكتفِ بالتوزيع، بل أدارت ورشًا سرية لصناعة السموم وترويجها عبر شبكة تضم صبية وسيدات وحتى أطفال مدارس.

 

حين داهمت قوة مكافحة المخدرات أوكارها، كانت الأوراق، والموازين، وأكياس البودرة، والسلاح الأبيض والناري في كل زاوية. لكن المفاجأة لم تكن في حجم التجارة فقط، بل في النفوذ. نجاح كانت تدفع إتاوات أسبوعية لبلطجية المنطقة لتحرس تجارتها، وتُصدر أوامرها من شقتها التي تحوّلت إلى غرفة عمليات محصنة.

 

أم فهد.. الحشيش دليفري حتى باب بيتك

لم تكن “أم فهد” تملك من الملامح ما يشير إلى أنوثة أو ضعف. سيدة أربعينية، ولكن بكاريزما زعيم عصابة. فرضت على الموزعين في منطقة دار السلام قانونًا عجيبًا: “الزبون على حق، والمخدر يوصل لباب البيت”. بدت كأنها تطبق سياسة السوق الحر، ولكن على بضاعة سوداء.

 

أجبرت صبية الحواري على خدمة عملائها بكل السبل، وكان من يخالف أو يتأخر يُجلد أمام الجميع. قبضت عليها الداخلية متلبسة، ومعها دفاتر بالحسابات اليومية، وكأنها شركة مقننة، لا عصابة مجرمة. قالت أمام النيابة بوقاحة: “أنا بدي للناس اللي عاوزاه، مش بسرق حد”.

 

ملكة الهيروين في فيصل.. الست اللي سطّرت فصل النهاية

 

في قلب فيصل، كانت “ملك” تسير مرفوعة الرأس، بينما كل من حولها يعرف الحقيقة: “الست دي ماسكة الهيروين في المنطقة”. لم تكن تخاف أحدًا، ولا تحترم قانونًا. استغلت زوجها المسجون سابقًا في قضايا مخدرات، وبنت على اسمه شبكة جديدة، أدارتها بذكاء ودهاء.

 

لكن ما لم تحسب حسابه أن أحد مساعديها، وقع في فخ الداخلية، واعترف بكل شيء. عند القبض عليها، كانت تتحدث بثقة وكأنها ستخرج غدًا: “أنا هطلع.. متقلقوش”. ولكن الأدلة كانت دامغة، والأحكام جاءت صادمة: سجن مؤبد.

 

سقوط الأقنعة

من حسناء الشبكة إلى نجاح وأم فهد وملك، تتكرر القصة: امرأة تتخلى عن ضميرها وتتحول لتاجرة موت. الأسماء تتغير، والوجوه تتبدل، لكن المصير واحد: السقوط في قاع السجون، أو القبر. تجارة المخدرات لا تميز بين رجل وامرأة، لكنها في النهاية، تقتل الجميع.

 

هذه ليست قصصًا للترفيه أو التشويق، بل جرس إنذار.. بأن المرأة التي يُفترض أن تكون رمزًا للحياة، أصبحت – في بعض الزوايا المظلمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى