عاجلمنوعات

على جمعة يحسم موقف الشرع من “المراهنات والقمار والشطرنج والسودوكو والكوتشينة والتداول”

كتبت- نانا إمام

تحدث الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية الأسبق، في حلقة اليوم من برنامج “نور الدين والدنيا”، عن قضية القمار والمراهنات.

وقال الدكتور علي جمعة: اليوم نحاول أن نتكلم عن مسألة قديمة جديدة.. أما جهة القدم فيها فهي القمار والمراهنات.. والقمار حرَّمه الله، سبحانه وتعالى؛ لأنه فيه نوع من أنواع الظلم والمخاطرة: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة”.

 

القمار بلوة.. ويسبب الإدمان

والقمار في الصالات والكازينو يسبب الإدمان؛ لأنه فيه نوع من أنواع التحفيز.. يعطي له حافزا حافزا لأن يكمل، فعندما يخسر تصعب عليه نفسه أنه خسر ويدخل في دورة ثانية وثالثة وعاشرة.. وتزداد مديونيته ويزداد خراب البيوت، وكثيرون باعوا ممتلكاتهم، وآخرون دخلوا السجن من جراء هذا القمار.. القمار بلوة من البلايا.

 

ممنوع دخول المصريين

وأضاف: طلبت بعض الفنادق في مصر مراعاةً لطلبات السياح أن يكون فيها ساحة أو صالة للقمار؛ لذا عندما صدر القانون لمنع المصريين منه أي أنه عند الذهاب إلى فندق عادة ما نجد في آخر دور صالة قمار، عند الدخول إليها يتم منعك، ليس لدينك، بل لأنك مصري، لأنه متاح للسياحة فقط، والضروة تُقدَّر بقدرها وهو ممنوع للمصريين، ومازال هذا القانون متواجد حتى الآن، الجديد في هذه المسألة هو عالم الفضاء السيبراني ففيه حدثت ألعاب (games) وحدث فيه محادثات (chatting) وحدثت فيه مسابقات وأشياء دخلت فيها المراهنات والقمار.

 

“عالم الفضاء السيبراني”

وأوضح: الجديد في المسألة “عالم الفضاء السيبراني”، شاتنج Chatting.. مسابقات وأشياء دخلت فيها المراهنات، كثير منها يكون على شهوات النفس.. حب الانتقام، الانحراف، وبعضها الآخر قد يكون ثقافيا، قد يكون اقتصاديا.

وقال: نريد الأسئلة التي تكشف لنا عن هذا العالم الحرام والحلال أو الصحيح والقبيح أو ماذا نفعل وماذا لا نفعل.

 

ممارسة برامج القمار، والتبرع بالمكسب، حلال أم حرام؟

وسأله شاب: إذا كان لدي صديق، يستخدم برامج القمار لكنه لا يستفيد بالمال الذي كسبه منها، بل يتبرع به، يمارسها فقط للتسلية، حرام أم حلال؟

 

ورد الدكتور علي جمعة: لا، هكذا تصبح حرامًا،  لكن حرامه على قول من قال: “الضِعف”؛ لأنه غير محتاج، ويلعب القمار لكي يتصدق بالمال، أي أذهب لعمل الانحراف، وعندما يقولوا لي: لماذا أفعل ذلك، أقول: لكي أتصدق بهذا المال..  تجار المخدرات يقولون ذلك، يقولون إننا نتاجر في الممنوعات، لكن نتبرع بالكثير لوجه الله!!

لا ينفع، وهكذا، فلا يُتوسل بالحرام للحلال، لأنه ما دام أنه حرام فيمتنع عنها حتى ولو كان فقيرًا،، فما بالك أنه في الأصل مقتدر، وغني، وغير محتاج للحرام؟!!!

 

المراهنات على مباريات الكرة.. حرام

وسأل شاب آخر: إذا كنت ألعب ألعاب، لا أدفع مالا في البداية، أو تكون مسابقة، فأدخل بتذكرة لألعبها فأفوز وأكسب مالا بها.. هل حرام المال الذي أكسبه أم ماذا ؟

وأجابه الدكتور جمعة، قائلا: دعنا نتصور سويا كي نفهم الأمر، أنا أدخل هذه المسابقة لكن بتذكرة، سأشتري تلك التذكرة بدولار لأدخل للعب، حسب الكفاءة، إذا فزت سأربح ١٠٠ دولار، وإذا خسرت لن آخذ شيئا، يوجد هنا دفع، وهو التذكرة لسماح الدخول فقط، ويوجد بذل مجهود للتدريب على اللعبة، والفائز يربح مالا فهي حلال، لأنها ليست مقامرة بل على حسب الكفاءة.

ونبه: مش أنك تدخل وتضع ١٠ دولار، وتحصل حاجة؛ تختار رقم by luck، ويطلع وتكسب، أو لا يطلع فتخسر، مثل مباريات الرياضة ندخل ونلعب، مرة تفوز ومرة لا.. لكن المراهنات عليها هي الحرام، مثل الأهلي والزمالك، يللا نعمل بينهم مقامرة، فناس تؤيد الأهلي وناس تؤيد الزمالك، فالزمالك غلب، أو الأهلي غلب.. عاملة زي الخيل حرام.. لكن ما تصفه ليس له علاقة بهذا المجال.

 

“الهاكر” والقرصنة حلال أم حرام؟

وتساءلت إحدى الفتيات: هل كل حالات التهكير (hacking The) حرام، أم يوجد حالات مثلا، نية الهاكر خير مثل الـ(Ethical Hacking) أو (white hacking) أي القرصنة الأخلاقية، حيث أن الهاكير نفسه بيرجع بيانات مسروقة أصلا، ويكون يعمل مع القانون (legal)، ويكون عنده العلم أن الشخص ده سيدخل على البيانات ويرجعها مرة ثانية أو يصلح النظام الأمني (fixing the security system)؟

وكان رد الشيخ جمعة: سؤال جيد لأنه سيجعلنا نضع قاعدة عامة، أن كل ما هو نافع، خالٍ من الممارسات المنحرفة، خالٍ من القمار والمراهنات فهو حلال؛ لأنه أصل القرصان له فائدة إذا جعل قرصنته في سبيل الله، أما لو جعلناها في البلطجة وقلة التدين، وتتبع عورات الناس وتهديدهم، إذن يعاقب، لذا فأنت تقولين بنفسك أنه يجلب المعلومات المسروقة، أي أنه مثل الشرطة، عندما يهاجم وكر العصابة ويأخذ منها المسروقات لردها لأصحابها، فإذن هي القاعدة العامة هكذا: أن كل نافع في العالم السيبراني، كل نافع، خالٍ من الشر والفساد يكون حلالا، وكل فاسد وضار يكون حراما.

 

اللعب بالزهر، حلال أم حرام؟

وتساءلت فتاة: لما نيجي نلعب مثلا بالنرد أو الزهر، هل تعتبر حراما، ومن أنواع القمار أو المراهنة؟

وأجاب الشيخ: هل بها قمار أم لا؟، القمار به مالٌ.. فيها مراهنات، لكن محض التسلية، محض التدريب، لا شيء فيه، لأنه لا يوجد به مقامرة، ويشترط هنا عدم تضييع الوقت، يعني سيعد نوعا من أنواع اللغو، اللغو في نفسه هو مباح، لكن مع ذلك فإن التنزه عنه أفضل، لكن هو نفسه مباح، وده زي ما بنرغي مع بعض، الرغي نفسه لغو لكن لو أحنا شغلنا زمننا بالذكر أو بالصلاة أو العبادة كان سيكون أفضل لكن لما رغينا مفيش مانع، يعني يوجد ما هو أحسن، فهذه الألعاب يشترط بها عدم تضييع الأوقات فقط، مفيش بقى أوقات ضايعة، فأديت ما عليا وأديت كذا إلى آخره فهو مباح.

 

التداول والمضاربة على العملة، حلال أم حرام؟

وسأل طالب: دلوقتي فيه نوع من أنواع التداول.. مثلا معي عملة أيا كان إيه هي، وأشتري عملة تانية، واستنى سعرها يعلو أو ينزل، وهي مش حاجة باتحكم بيها.. هي بالحظ، فهل ده برضه بيكون قمار وللا لأ؟

 

ورد الدكتور جمعة: ده فيه صورة منه حرام، ومحرَّمة في القانون، ويسموها Speculation، ويترجموها ترجمة غلط “المضاربة”.. انت بتشتري الدولار، وتحجزه عندك لحد ما يزيد، وبعدين تبيعه علشان تكسب الفرق بين هذا وذاك.. الحركة دي لو أنها مقصود بها “تقليل العملة وترصد ارتفاعها” هيبقى غلط وبعض القوانين تحرم هذا.. لأنه فيه ضرر فعلي.

 

المراهنات والاستثمار

شاب: طيب هي ليه المراهنات ماتعتبرش استثمار؟

وأجاب الدكتور علي جمعة: المراهنات مفيهاش استثمار.. رأس المال باقي.. وبيتقلب في السوق، ساعات يربح، ساعات ما يربحش، ورأس المال باقي، لكن المراهنات التذكرة اللي انت اشتريتها ضاعت عليك، والشخص اللي قال إن الفرس ده هاتكسب، أو أن الشيء ده هايحصل، أو الفريق ده هايكسب هو اللي أخد بعض الفلوس، الفلوس اللي جمعناها من الناس عن طريق تذاكر الدخول؛ جزء منها للمدير، وجزء منها للفائز.. الأموال ضاعت كدة.. لكن في الاستثمار في البورصة، أنا باشتري أسهم، والأسهم موجودة، تعبر عن أصول موجودة.. وتداول موجود في الشركة.. لو الشركة صفت هانلاقي فلوس.. لها مبنى وسيارات، وأثاث ومكاتب.. كل دي أصول، ها لاقي فلوس.. لكن هناك هالاقي الفلوس طارت.

 

وسأل طالب: لو أنا تحديت واحد إنه مثلا يعمل تحدي صعب، ولو عمله هاديله 100 جنيه.. ولو ما عملوش هو هايديني 100 جنيه، هل دي تعتبر مراهنة؟

وقال الدكتور جمعة: نعم، تعتبر مراهنة وغلط.

 

وسألت فتاة: بنلعب كوتشينة، والخاسر بيجيب حاجة.. يعزمنا على حاجة؟

وعلى الفور قال: يبقى حرام، حتى لو كان عليه المشاريب، زي في المقهى، حتى لو فيها أشياء تافهو أو بسيطة.

 

ألعاب المراهنات

وتساءل شاب: فيه ألعاب فيها عملة خاصة بها، ممكن يتراهن عليها تكسب أو تخسر بها، ملهاش علاقة بفلوس حقيقية، لكن ممكن تراهن عليها.. هل هذه النوعية من الألعاب تعتبر حراما؟

وقال جمعة: عايز تقول إن العملة دي داخل اللعبة؟ ولا لاتعود عليا وأنا خارج الجهاز بشيء.

إما هاخسر العملة داخل اللعبة، أو هاكسبها داخل اللعبة.. أغلب العلماء بيقولوا إنها سيئة وإنها حرام، رغم أنها مش قمار، ولا هي حرام، ولكن لأنها بتربي على الحرام.. بتعمل ثقافة في المخ على أنك تبقى مقامر، فيه تربية، يربيه أنه مقامر، وأن القمار حاجة مهمة في حياتنا، وأن القمار لا تقوم المجتمعات إلا به، احنا كناس عايزين رضا الله، سبحانه وتعالى، بنقول: حتى التدريب على هذا، وليس الفعل.. فالصورة التي تصفها دي دقيقة وحلوة جدا للمثال ده؛ إني باتدرب على الحرام، رغم إني ما عملتوش.. زي واحد تقول له: تعالى هاعلمك قواعد لعبة البوكر بتاعة القمار.. هو لم يلعب قمار، هو بيتعلم.. طيب نية التعليم ده إيه؟ تدريبه على القمار.. دي الصورة بتاعة القمار.

 

أغلب العلماء بيقولوا حرام، وفيه رأي بيقول إنه ما عملش حاجة.. كله وهم في وهم.. شوية النقود وهم، وكوني كسبتهم وهم.. وكوني خسرتهم وهم أيضا.. هو عمل إيه يعني؟!

الآخرين نظروا أعمق.. قالوا إنه بيدربك على الحرام، يبقى التدريب على الحرام حرام.

 

وسألت فتاة: هل لو فيه حد بيراهن وعايز يبطل.. هل المفروض يعالج نفسيا؟

وكانت إجابة د. جمعة: حسب الحالة بتاعته.. فيُسأل فيه الطبيب إذا كان وصل لمرحلة الإدمان على القمار يبقى لازم يكون تحت الرعاية الطبية، لكن لو ماوصلش لهذه المرحلة، فتكفي فيه الموعظة.. وده يظهر على الناس لما نشوف إلى أي مرحلة وصل.

 

فلوس الأبليكيشن

وتساءلت طالبة: فيه ناس عملوا أبليكيشن.. ناس آخرين دفعوا فيها فلوس؟

ورد الدكتور علي جمعة: ده واحد أبدع أبليكيشن، اخترعه.. وده أصبح علم؛ كيف نضع الألعاب، كيف نصنعها.. المواقع.. علم بحاله.. فهو اتعلم، وحط أبليكيشن معين وعايز يبيعها.. يجوز.

لو عايزة تقولي إن الأبليكيشن ده بيعلم القمار؟

ردت الفتاة: لا..

فقال: أي أبليكيشن مباح.. لعبة السودوكو مثلا، فيها كذا مليون احتمال، لو واحد عمل حاجة علشان توفق الأرقام دي، فتنزل لك إنك تلعبيها، ودي بتقوي الذهن، وتبعد الألزهايمر.. وتخللي الإنسان يشغل مخه، بدون مقابل.. فهو باع الأبليكيشن لـ”جوجل”، أو أي موقع من المواقع، وأخد الفلوس بتاعته، فهي حلال.

 

اللعب بالكوتشينة

وقالت فتاة: سمعت إن اللعب بالكوتشينة يعتبر زي القمار، رغم أننا بنستمتع فقط، ونقضي وقت حلو مع بعض.. هل حرام؟

وكان الرد: الألعاب زي الشطرنج والدومينو والكوتشينة عايزة مهارة، مادام ليس فيها أموال، سواء ورقية أو إلكترونية.. تكون حلالا.

العلة في تحريم القمار أن الفلوس تدخل.. المراهنات ممنوعة، لكن المهارة أو حتى التسلية مباح وليس فيها حرمة.

 

دخول السحب على السيارات

وتساءل أحد الشباب: لو حد دخل سحب على عربية أو شقة.. هل ده حرام وللا حلال؟

ورد المفتي الأسبق: يعني السحب هنا عاملة زي الجوايز في الإعلانات.. مثلا عربية معينة عايزين يسوقوا لها، ولسة نازلة في السوق، فيقولوا اللي يشتري.

أو أي سلعة أخرى، زبادي، مسحوق غسيل.. فيخبط عليا، ويسألني: هل عندك 20 كيس من المسحوق ده.. أقول له آه.. بياخد الأكياس، وبيديني تلاجة.. ده نوع من أنواع التسويق “ماركتنج”؛ لأني اشتريت سلعة استعملتها، بس سمعت إنها لو هانخللي عندنا أكياس المسحوق هايديني جايزة لما يوصلوا لعشرين.. بالشكل ده مفيش حاجة.

 

كان زمان، المياه الغازية، لما ننزع الغطاء من فوق نلاقي كل 100 زجاجة فيها رسمة: عجلة، موتوسيكل، تلاجة، سخان.. نروح للمصنع يدونا الحاجة دي، علشان معايا الغطاء.

كل ده اللي بيحصل في الشركات إنهم بيقولوا هانعمل إعلانات السنة دي بـ 30 مليون جنيه.. فنعمل بـ25 بس إعلانات في التليفزيون.. والـ 5 مليون نعملها جوايز، علشان لما أشوف إن الشركة دي بتعمل جوايز فأشتري.. كل المساحيق زي بعضها.. ده نوع من أنواع التسويق.

نخلص من هذا إلى أن القمار حرام، والمراهنات من القمار، وأنه إذا دخل المال في الألعاب الإلكترونية فهي حرام.. وكل نافع تعليما وتدريبا ومهارة وردا للحقوق ورفعا للمظالم مباح، وقد يصل إلى مرتبة الواجب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى