سقوط الـFBC يكشف العالم السرى للاحتيال الإلكترونى.. أفراد العصابة: استخدمنا سلاح وعود الأرباح المزعومة.. والمحافظ الإلكترونية كلمة السر فى جمع المليارات
كتب- حسين محمود

في تفاصيل جديدة وكشف مذهل عن إحدى أكبر عمليات الاحتيال الإلكتروني التي هزّت المجتمع المصري، ضبطت الداخلية الأجنبي الهارب المتورط في الواقعة، فيما تواصل جهات التحقيق جهودها للوقوف على ملابسات قضية عصابة منصّة “FBC”، التي مارست نشاطها الإجرامي عبر الإنترنت، واستولت على أموال المواطنين في عمليات احتيالية تُعد من الأكثر تطورًا وتعقيدًا في تاريخ الجرائم الإلكترونية في البلاد.
الصدمة كانت كبيرة؛ فالأحلام التي رسمها المواطنون من ضحايا هذه الشبكة الإجرامية تحطمت على صخرة الواقع، هؤلاء المواطنون الذين وضعوا “تحويشة العمر” في أيدي هؤلاء المحتالين، فبينما راهن بعضهم على منصّة “FBC” كفرصة استثمارية تعود عليهم بأرباح مالية، كان البعض الآخر قد اتخذ قرارات مصيرية: بيع الأراضي، أو حتى التفريط في الذهب العائلي. لكن، كل هذه التضحيات ذهبت سدى، بعد أن اكتشفوا أنهم وقعوا في فخ النصب الذي أعدته لهم هذه العصابة الماكرة.
العملية التي نجحت وزارة الداخلية في إحباطها، تمثلت في تشكيل عصابي من محترفي الاحتيال، يقوده ثلاثة أفراد يحملون جنسيات أجنبية، وكانوا يديرون شبكة إجرامية دولية، مرتبطة بالخارج.
هؤلاء كانوا يروجون لأحلام كاذبة بالثراء السريع عبر منصة “FBC”، ويقدمون وعودًا وهمية بالأرباح، قبل أن يسلبوا أموال ضحاياهم باستخدام أساليب متطورة في الاحتيال الإلكتروني.
التحقيقات أظهرت أن هذا التشكيل العصابي لم يكن يقتصر على الأفراد الثلاثة فقط، بل كان يعمل بالتعاون مع 11 شخصًا آخرين داخل مصر، الذين أسسوا شركة في القاهرة للعمل على الترويج للمنصة، وتنظيم حملات دعائية على منصات التواصل الاجتماعي.
هذا الترويج لم يكن مجانيًا، بل كان يتم مقابل عمولات مالية، ليتم جذب أكبر عدد ممكن من الضحايا الذين لا يعلمون أن الأموال التي يودعونها لن تُستثمر، بل سيتم تحويلها إلى جيوب هؤلاء المحتالين.
وعلى الرغم من الأساليب الخداعية المتطورة التي اعتمد عليها المجرمون، من إنشاء هواتف محمولة وهمية وتفعيل محافظ إلكترونية ببيانات مزورة، إلا أن وزارة الداخلية تمكنت من كشف هوية هؤلاء المتورطين، بعد تكثيف عمليات الفحص والتحري.
تم رصدهم وضبطهم في عملية أمنية ناجحة، أسفرت عن ضبط 13 من أفراد العصابة، وحجز هواتف محمولة، وأجهزة لاب توب، وأكثر من 1135 شريحة هاتف محمول، إضافة إلى مبلغ مالي بلغ 2.5 مليون جنيه، ولا صحة فيما تردد عن النصب على المواطنين بمصر في مليارات الجنيهات.
وعندما تم مواجهة المتهمين بالتحقيق، اعترفوا بكل تفاصيل الجريمة، موضحين كيفية تنفيذهم لهذا المخطط الاحتيالي على نطاق واسع، مما أوقع مئات المواطنين ضحايا لمخططاتهم.
هذه الضربة الأمنية، التي وصفها الخبراء بأنها بمثابة قفزة نوعية في كفاءة جهاز الشرطة في مكافحة الجرائم الإلكترونية، تكشف عن تطور ملحوظ في أساليب التحقيق والرصد، ورصد ممارسات الأفراد المجرمين الذين يظنون أنهم بعيدين عن متناول يد العدالة.
أظهرت العملية التنسيق المتميز بين مختلف قطاعات الداخلية ، وقدرتهم العالية على التعامل مع الجرائم التي تعبر الحدود.
وزارة الداخلية، التي لم تكتفِ بتفكيك هذه العصابة، وجّهت تحذيرًا شديد اللهجة للمواطنين من مغبة التعامل مع أي منصات إلكترونية مجهولة، لا سيما تلك التي تُروّج للأرباح السريعة. فقد أكدت الوزارة على ضرورة الحذر من أي عروض استثمارية على الإنترنت، والتي غالبًا ما تخفي وراءها خدعًا ومخاطر قد تفضي إلى ضياع الأموال، بل والمستقبل ذاته.
مواصلةً لجهودها، تظل وزارة الداخلية على أهبة الاستعداد، لتكثيف عمليات التحري والرقابة على الجرائم الإلكترونية، لتوفير بيئة أكثر أمانًا للمواطنين في مواجهة التهديدات الإلكترونية المتزايدة.
التحقيقات لا تزال جارية، لكن ما حدث حتى الآن يبعث برسالة واضحة: مصر ماضية في تعزيز قدراتها الأمنية لمكافحة كافة أنواع الجريمة، سواء كانت تقليدية أم إلكترونية، ولن ينجو أي محتال من يد العدالة مهما كانت الوسائل التي يستخدمها.