عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: تصريحات الرئيس الأمريكي حول غزة انتهاك صريح للقانون الدولي  

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة حول ضرورة فرض السيطرة على قطاع غزة موجة عارمة من الغضب والانتقادات على المستويين الدولي والإقليمي، إذ اعتبرها خبراء القانون الدولي والقادة السياسيون مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة. هذه التصريحات، التي تعكس رؤية أمريكية منحازة، تشكل – وفقًا للمحللين – جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية التي تحكم النزاعات المسلحة والاحتلال العسكري.

 

القانون الدولي: انتهاك جسيم وخرق واضح للمعاهدات الدولية

 

يؤكد الدكتور محمود السعيد، أستاذ القانون الدولي، أن تصريحات الرئيس الأمريكي تتعارض مع القواعد الأساسية التي تحكم النزاعات الدولية. ويوضح أن ميثاق الأمم المتحدة، في مادته الثانية، يحظر استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية، باستثناء حالات الدفاع عن النفس أو التفويض الأممي.

 

ويشير السعيد إلى أن أي محاولة لفرض سيطرة عسكرية أو سياسية على قطاع غزة بالقوة تمثل انتهاكًا للمادة 47 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل السيادة بالقوة على الأراضي المحتلة، وتحظر فرض أي تغييرات قانونية أو إدارية من قبل المحتل. وأضاف أن “هذا يُعد إخلالًا خطيرًا بحقوق المدنيين المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني، ويشكل جريمة حرب تستوجب المساءلة الدولية”.

 

كما أوضح السعيد أن دعم الولايات المتحدة لهذه السياسة من شأنه أن يضعها تحت طائلة المسؤولية القانونية، حيث يمكن لمحكمة الجنايات الدولية النظر في هذه الانتهاكات إذا تم رفع دعاوى قانونية ضد المسؤولين عنها، مشيرًا إلى أن الدول لا يمكنها التهرب من المسؤولية بمجرد التصريح السياسي، خاصة إذا كان تصريحًا تحريضيًا على انتهاك القوانين الدولية.

 

حازم الجندي: تهديد للأمن القومي العربي واستفزاز خطير

 

من جانبه، شدد النائب حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ المصري، على أن هذه التصريحات لا تهدد فقط الفلسطينيين، بل تمثل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي العربي ككل. وأكد أن فرض سيطرة عسكرية على قطاع غزة، بمباركة أمريكية، سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة ويشعل مزيدًا من الأزمات التي تهدد الدول العربية المجاورة.

 

وأضاف الجندي أن “السكوت عن مثل هذه التصريحات سيشجع الاحتلال الإسرائيلي على تصعيد جرائمه ضد الفلسطينيين، وسيضعف أي جهود لحل القضية الفلسطينية على أسس عادلة”. كما حذر من أن المجتمع الدولي يجب أن يتخذ موقفًا واضحًا، وإلا فإن النظام العالمي القائم على القوانين والمعاهدات الدولية سيفقد مصداقيته بالكامل.

 

ردود فعل دولية واستنكار واسع

 

لم تقتصر ردود الفعل الغاضبة على الدول العربية فقط، بل صدرت إدانات من قبل منظمات حقوقية دولية رأت أن التصريحات الأمريكية تعكس استمرار السياسة الأمريكية المنحازة لإسرائيل على حساب الحقوق المشروعة للفلسطينيين.

 

في هذا السياق، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بيانًا أعربت فيه عن قلقها الشديد من التوجه الأمريكي، مؤكدة أن أي محاولات لفرض سيطرة عسكرية على غزة بالقوة تعني استمرار الاحتلال الإسرائيلي بأشكال مختلفة، وهو ما يعارض كافة قرارات الأمم المتحدة التي أكدت مرارًا على ضرورة إنهاء الاحتلال ومنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.

 

الموقف الفلسطيني: رفض قاطع وتحذير من العواقب

 

على الجانب الفلسطيني، رفضت السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس تصريحات الرئيس الأمريكي، واعتبرتا أنها تعكس توجهًا خطيرًا يسعى إلى شرعنة الاحتلال بدلًا من إنهائه. وقال مسؤول فلسطيني بارز، في تصريحات صحفية، إن “هذه التصريحات تكشف الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية، التي لم تكن يومًا وسيطًا نزيهًا في عملية السلام، بل داعمًا مباشرًا لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته بحق الفلسطينيين”.

 

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية أنها ستتوجه إلى الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ إجراءات قانونية ضد أي محاولة لفرض سيطرة غير شرعية على غزة، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم ضد هذه المخططات.

 

ختامًا.. موقف حرج للولايات المتحدة أمام القانون الدولي

 

إن تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة وضعت الولايات المتحدة في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، إذ إنها تخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي وتثير تساؤلات حول مدى احترام واشنطن لالتزاماتها الدولية. ومع تصاعد الانتقادات من خبراء القانون الدولي والسياسيين، يظل السؤال الأهم: هل ستتراجع الإدارة الأمريكية عن هذه التصريحات أم أنها ستستمر في دعم سياسات تتعارض مع مبادئ العدالة الدولية؟

 

إن مستقبل القضية الفلسطينية لن تحدده التصريحات السياسية المنحازة، بل ستحسمه إرادة الشعوب وقرارات المجتمع الدولي إذا قرر التحرك بجدية لمنع هذه الانتهاكات الصارخة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى