في مشهدٍ يحمل بين طياته آمالًا كبيرة وتحديات أكبر، يقترب مشروع قانون المسئولية الطبية من خط النهاية داخل أروقة مجلس النواب المصري. بعد سنواتٍ من النقاشات والشد والجذب بين الأطراف المعنية، تستعد لجنة الصحة بالمجلس لتقديم تقريرها النهائي تمهيدًا لمناقشة القانون في الجلسة العامة المرتقبة.
هذا المشروع الطموح لا يُعد مجرد قانون جديد، بل هو محاولة لإعادة رسم العلاقة بين الطبيب والمريض، وضمان حقوق الطرفين في ظل منظومة صحية تعاني من ضغوطٍ وتحديات كبيرة.
قانون يحمي الجميع
يُركز مشروع القانون على وضع إطار قانوني يُحدد بدقة مسئوليات الأطباء، مع حماية حقوق المرضى في الحصول على خدمة طبية آمنة. وبحسب المسودات الأولية، فإن القانون يتضمن:
1. لجان متخصصة للفصل في القضايا الطبية: ستضم خبراء من الأطباء والقانونيين لتحديد ما إذا كان هناك خطأ طبي بالفعل.
2. إبعاد شبح الحبس الاحتياطي: بدلاً من توجيه اتهامات جنائية مباشرة للأطباء، سيتم التعامل مع الشكاوى وفق آليات مهنية مدروسة.
3. إلزام المؤسسات الطبية بالتأمين: لتغطية تعويضات المرضى في حال ثبوت خطأ طبي، مما يُخفف الضغوط المالية على الأطباء.
مكاسب الأطباء وأبرز المطالب
يتطلع الأطباء إلى هذا القانون بوصفه طوق النجاة الذي يُعيد لهم الثقة في أداء مهنتهم دون خوفٍ من الملاحقات القانونية غير المبررة. ومن أبرز المكاسب التي يُنتظر تحقيقها:
الحماية القانونية: ضمان حق الطبيب في ممارسة عمله دون تهديد دائم بالخطر القانوني.
بيئة عمل آمنة: تحفيز الأطباء على الاستقرار داخل مصر، بدلًا من البحث عن فرص أفضل بالخارج.
تحسين العلاقة مع المرضى: عبر وضوح الحقوق والواجبات لكل طرف.
رغم ذلك، لا تزال هناك مطالب عالقة تحتاج إلى مزيدٍ من التوافق، أبرزها:
توسيع مظلة التأمين: لتشمل كافة العاملين بالقطاع الصحي وليس الأطباء فقط.
تعزيز التدريب: لضمان مواكبة الأطباء لأحدث الأساليب الطبية وتقليل الأخطاء.
سرعة الفصل في القضايا: لتجنب التعطيل الذي قد يؤثر سلبًا على المرضى والأطباء معًا.
حقوق المريض في قلب المشروع
من الجهة الأخرى، يحرص القانون على وضع ضوابط صارمة تضمن حقوق المرضى في الحصول على خدمات طبية ذات جودة عالية، وتحديد معايير واضحة للإجراءات العلاجية، مما يُسهم في تقليل النزاعات وإرساء العدالة.
الطريق إلى الجلسة العامة
مع دخول مشروع القانون مراحل الحسم، تترقب الأوساط الطبية والجماهيرية الجلسة العامة لمجلس النواب، حيث يُنتظر أن تشهد مناقشات موسعة قبل إقراره. ويبقى السؤال: هل يُلبي القانون المرتقب طموحات الأطباء والمرضى على حدٍ سواء؟
ختامًا، فإن قانون المسئولية الطبية ليس مجرد تشريع جديد، بل هو بداية عهد جديد يُرسي دعائم الثقة والإنصاف في المنظومة الصحية المصرية، ويضع صحة المواطن في المقام الأول دون الإخلال بحقوق الأطباء.