عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: حرب التكنولوجيا تحت قبة البرلمان

شهد البرلمان أمس واحدة من أكثر الجلسات إثارة للجدل، حيث دارت مناقشات موسعة حول التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات الجنائية، والتي تهدف إلى منح السلطات القضائية صلاحيات مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة. وبين تأييد التعديلات كخطوة لمحاربة الجرائم الإلكترونية، وتحفظات حول تأثيرها على الحريات الشخصية، بات السؤال الأهم: هل نحن أمام ضمانات قانونية حقيقية أم بداية لتقييد الحريات؟

المشهد تحت القبة

الجلسة التي امتدت لساعات لم تخلُ من الحدة. عرض وزير العدل مبررات الحكومة لهذه التعديلات، مشددًا على أنها تستهدف مكافحة الجرائم المستحدثة التي تهدد الأمن القومي، مع الالتزام بضمانات صارمة، على رأسها اشتراط الحصول على إذن قضائي مسبب قبل أي إجراء.

وقال الوزير: “التكنولوجيا أصبحت سلاحًا ذا حدين، ونحن بحاجة لتشريع يواكب العصر ويواجه هذا التحدي، مع احترام حقوق المواطنين وحرياتهم”.

تأييد مشروط ومعارضة حذرة

في أروقة البرلمان، انقسم النواب بين داعم ومتحفظ. فريق يرى أن التعديلات ضرورة حتمية لردع الجرائم الإلكترونية، بينما حذر الفريق الآخر من استخدامها كذريعة للمساس بخصوصية الأفراد. النائب خالد السعيد قال: “نحتاج إلى هذه التعديلات، لكن يجب أن تكون الضمانات واضحة وشفافة لضمان عدم إساءة الاستخدام”.

في المقابل، وصفت النائبة مريم شوقي مشروع القانون بأنه “سلاح ذو حدين”، ودعت إلى مراجعة النصوص بدقة لضمان عدم المساس بالحريات.

الرأي العام في حالة ترقب

المجتمع المدني لم يقف مكتوف الأيدي، إذ أبدت منظمات حقوقية مخاوفها من إمكانية استغلال هذه الصلاحيات لتقييد الحريات الإعلامية والتضييق على الصحفيين. بعض النشطاء وصفوا النصوص المقترحة بأنها “غامضة” وتحتاج إلى توضيح أكبر.

إلى أين نحن ذاهبون؟

ختامًا، يبدو أن هذا المشروع يضعنا أمام مفترق طرق بين حماية المجتمع من تهديدات التكنولوجيا وبين الحفاظ على مكتسبات الحريات. السؤال الذي سيظل يتردد: هل سيكون البرلمان على قدر المسؤولية في صياغة قانون يوازن بين كفتي الأمن والحرية؟

التعديلات المقترحة ليست مجرد نصوص قانونية، بل اختبار حقيقي لإرادة المشرّعين في ترسيخ دولة القانون وضمان حقوق الأفراد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى