في توقيت بدا وكأنه رسالة واضحة لعصابات الموت، وجهت وزارة الداخلية ضربة أمنية قاصمة لمافيا المخدرات قبل أسابيع من احتفالات الكريسماس، حيث رسم اللواء محمد زهير مساعد أول وزير الداخلية مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات حيث تحولت خطط التهريب والتوزيع إلى مشهد درامي من المواجهات، انتهى بسقوط أطنان من السموم والأسلحة النارية، ومصرع ثلاثة من أخطر العناصر الإجرامية في اشتباكات حامية مع الشرطة.
انهيار خريطة السموم
بدأت الحكاية بمعلومات وردت إلى مديرية أمن أسيوط تفيد بقيام عناصر إجرامية شديدة الخطورة باستغلال جزيرة نيلية لزراعة نباتات الموت: البانجو والأفيون على طريقة امبراطور المخدرات عزت حنفي.
تحركت الشرطة نحو الجزيرة، لكن استقبالها لم يكن وديًا، حيث واجهت إطلاق نار كثيف من العصابة ردت القوات بحزم، لتنتهي المواجهة بمصرع اثنين من المجرمين وضبط كميات هائلة من الحشيش، البانجو، والشابو، بالإضافة إلى أسلحة نارية وذخائر.
أما الأرض الزراعية التي اختبأت بين أحضان النيل، فقد كشفت عن 6 آلاف شجرة أفيون وبانجو، تمت إزالتها لتُدفن معها أحلام العصابة، لكن أسيوط لم تكن إلا بداية القصة ففي الإسكندرية، القليوبية، الإسماعيلية، والدقهلية، تحركت يد العدالة لتكشف المزيد من الأوكار، 22 عنصرًا إجراميًا وقعوا في قبضة الأمن، بينما لقي أحدهم مصرعه في الدقهلية أثناء مواجهته القوات.
الحصيلة كانت أكثر من طن من السموم المتنوعة: نصف طن من الحشيش، نصف طن من البانجو، كميات من الهيروين، الهيدرو، الشابو، والأقراص المخدرة، وبين الأسلحة المضبوطة، برزت 23 قطعة نارية، وكأن العصابات كانت تستعد لحرب لا لاحتفالات.
الكريسماس بدون سموم
تقدَّر القيمة المالية للمضبوطات بـ 55 مليون جنيه، وهو مبلغ يعكس حجم الكارثة التي كان يمكن أن تضرب المجتمع قبل موسم الاحتفالات، لكن الأجهزة الأمنية لم تترك مجالًا لهذه الكارثة أن تتمدد.
في زمن قياسي، أُحبطت مخططات المجرمين، وتحولت أحلام الربح السريع إلى كابوس خلف القضبان أو النهاية الحتمية تحت الأرض.
العدالة على مقعد القيادة
القانون لم يتوانَ يومًا عن التعامل بصرامة مع هذه الجرائم، فالمواد 33 و34 من قانون العقوبات تضع عقوبات تبدأ من السجن المشدد لثلاث سنوات وقد تصل إلى الإعدام، خاصة في الحالات التي تتضمن استيراد أو تصدير المخدرات أو تهريبها بكميات كبيرة، حتى التعاطي، وإن بدا أقل خطورة، لا يمر دون عقوبة، حيث يعاقب المتعاطي بالحبس وغرامة مالية، مع مضاعفة العقوبة إذا كانت المواد شديدة الخطورة مثل الهيروين والكوكايين.
لا هدايا من السموم
بينما يستعد الناس لتزيين أشجار الكريسماس والاحتفال بالعام الجديد، قررت وزارة الداخلية أن تقدم هديتها الخاصة للمجتمع: حماية الأرواح، وتدمير شبكات السموم التي تزرع الموت في العقول والقلوب.
هذه العمليات الأمنية ليست مجرد أرقام أو أخبار عابرة، بل هي رسالة حازمة أن العدالة يقظة، ولن تسمح بأن يتحول الكريسماس إلى موسم من الألم بدلًا من الفرح.
وتبقى الحقيقة واحدة: مهما بلغت خطورة المجرمين أو تعقيد مخططاتهم، فإن الدولة، بقوتها وقوانينها، تظل القائد الذي لا يُهزم في معركة الخير ضد الشر.