يناقش مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي خلال جلسة 16 ديسمبر من الشهر الحالي ، تقرير اللجنة المشتركة المقدم من لجنة النقل والمواصلات ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية والخطة والموازنة والشئون الاقتصادية، حول مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990.
«مشروع القانون»
تتقدم مصر بخطى واثقة نحو تحقيق مفهوم التنمية الشاملة في قطاع النقل بشكل عام، وقطاع النقل البحري بشكل خاص، لما يتمتع به هذا القطاع من قدرات كبيرة في دعم الاقتصاد القومي إلى جانب تنمية وتعزيز التكامل مع الدول، فضلاً عن كون هذا القطاع يمثل أحد المحركات الرئيسية للعولمة والازدهار الاقتصادي العالمي، ولما كانت مصر قد عزمت على التحول إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات مستغلة في ذلك موقعها الجغرافي المميز على خطوط الملاحة والتجارة العالمية، وموانئها البحرية على البحرين المتوسط والأحمر لذلك فقد قامت الدولة المصرية بتبني الإستراتيجية الوطنية للبحار التي استهدفت استقطاب الاستثمارات الأجنبية، والدفع بعجلة التنمية وتعزيز التنافسية داخل المنطقة الاقتصادية، بما يسهم في تعزيز مكانة مصر على خريطة التجارة العالمية الدولية.
ولتحقيق أهداف تلك الإستراتيجية الوطنية فقد كان لزاماً العمل في اتجاهين متوازيين: الاتجاه الأول يتناول تطوير البنية التحتية والفوقية والمعلوماتية بالموانئ بغرض تيسير حركة التجارة وتحسين مؤشرات الأداء وإنتاج خدمات بحرية قادرة على المنافسة، وفى سبيل ذلك فقد أنفقت الدولة المصرية استثمارات ضخمة في تطوير وتحديث موانئها إلى جانب إنشاء مناطق لوجستية جديدة لتحسين كفاءه عمليات النقل البحري وزيادة القدرة الاستيعابية للموانئ.
والاتجاه الثاني يعمل على تحسين وتطوير البنية التشريعية المرتبطة بقطاع النقل البحري بما يتماشى مع المتغيرات العالمية، وتلبية متطلبات التجارة العالمية المتزايدة وتعزيز الأمن البحري وحماية البيئة البحرية.
ويأتي مشروع القانون المعروض لإدخال بعض التعديلات على قانون التجارة البحري الصادر بالقانون رقم 8 لسنة ١٩٩٠ ، استجابة للمتغيرات العالمية التي استحدثت أسبابا جديدة لإكساب السفن الجنسية المصرية، ورغبة في تعزيز أسطول النقل البحري المصري بعيدا عن موازنة الدولة من خلال تحفيز الاستثمارات الخاصة على المشاركة في هذا المجال، لما يحققه ذلك من تعظيم القدرات التنافسية في مجال النقل البحري، وتهيئة المجال للموانئ المصرية للاضطلاع بدور فاعل في حركة التجارة العالمية.
« فلسفة مشروع القانون وأهدافه»
جاءت فلسفة مشروع القانون في إطار توجه الحكومة نحو تحسين التشريعات البحرية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتحفيز الاستثمار البحري في مسيرة تحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات، وذلك من خلال فتح آفاق جديدة لتسجيل السفن في مصر ورفع العلم المصري عليها، لدعم أسطول السفن التجارية المصرية وزيادة عندها.
ونظرا لكون الاستثمار في مجال النقل البحري وتملك السفن يتطلب استثمارات ضخمة بالعملات الأجنبية، مع بطء استرداد رأس المال المستغل فيها، وإزاء الفجوة التمويلية بالعملات الأجنبية المتطلبة لنشاط تملك السفن، فقد كان لزاما التوسع في أسباب إكساب السفن التجارية للجنسية المصرية، بحيث لا يكتفى بالتملك كسبب وحيد لكسب السفينة الجنسية المصرية، وفقاً لما هو معمول به حالياً، وإنما تضاف طرق جديدة لكسب السفينة.
«أهداف مشروع القانون»
تتضمن أهداف مشروع القانون، تنمية وتعزيز حجم الأسطول التجاري البحري المصري باعتباره أحد ركائز التنمية الاقتصادية للاقتصاد القومي، تعزيز القدرة التنافسية للدولة المصرية في حركة التجارة العالمية، دعم الأمن القومي المصري من خلال تأمين القدرات المصرية في نقل تجارتها الخارجية الصادرات والواردات، فتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية وزيادة تنافسيتها مع الشركاء التجاريين خاصة للدول الإفريقية والعربية، الإسهام في تحسين ميزان المدفوعات بتوفير النقد الأجنبي، توفير فرص عمل لتشغيل الكوادر والعمالة البحرية.
«الملامح الأساسية المشروع القانون المعروض»
انتظم مشروع القانون في ثلاث مواده الإدخال بعض التعديلات على أحكام قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة ١٩٩٠، حيث تضمنت المادة الأولى التعديلات المستهدفة، وحددت المادة الثانية الوزير المختص بإصدار القرارات التنفيذية والتنظيمية اللازمة لإنفاذ القانون، وخصصت المادة الثالثة للنشر وسريان القانون.
« رأي اللجنة المشتركة»
بعد أن تعرفت اللجنة على فلسفة مشروع القانون وأهدافه، وتدارست نصوص مواده، فقد تبين للجنة أنه وإن كانت التعديلات الواردة على القانون القائم قد جاءت محدودة من حيث عدد المواد المعدلة ومضمون التعديل إلا أن تلك التعديلات ستحقق مردودا عظيما في تعزيز حجم الأسطول البحري المصري، ليضطلع بدور مهم في توجه الدولة نحو تحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات، حيث قد تبين للجنة أن تيسير إجراءات تسجيل السفن في السجلات البحرية المصرية، والتوسع في أسباب منحها، وضبط الرسوم المفروضة على تسجيل السفن يحقق العديد من المزايا المهمة، والتي منها، دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحفيز الاستثمار البحري وتعزيز علاقات مصر الدولية، تعزيز التجارة البحرية المصرية بالشكل الذي يزيد من إيرادات الدولة من الدخل الأجنبي، جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع الشحن البحري، خلق فرص عمل جديدة في مختلف المجالات المرتبطة بالشحن البحري والتي منها طواقم السفن والخدمات اللوجستية المقدمة للسفن، زيادة إيرادات للدولة المصرية من خلال الرسوم والضرائب المفروضة على السفن، ضمان الحقوق القانونية التي يمنحها القانون المصري للسفن بما يضمن مصالحها في البحار والمحيطات، تيسير عملية الرقابة والتفتيش على السفن التي ترفع العلم المصري وفق القوانين المصرية بما يضمن التزامها بالمعايير الدولية، تعزيز الأمن البحري من خلال تسهيل عملية تتبع السفن والتحقق من هوية السفن، المساهمة في مكافحة الجرائم المنظمة في البحار مثل تهريب المخدرات، تهريب الأسلحة، والهجرة غير الشرعية وغيرها من الجرائم التي تتم باستخدام البحار، تعزيز العلاقات الدولية مع دول العالم الأخرى وخاصة الدول التي تملك أساطيل تجارية كبيرة، التأكيد على مكانة مصر الدولية كدولة بحرية وزيادة فرص تحولها إلى مركز تجاري ولوجستي عالمي.
كما أن إقرار معيار معتدل في حساب رسوم توثيق المحررات الرسمية بالتصرفات التي ترد على السفينة، يسهم في توفير بيئة مستقرة للشركات الشاحنة مما يشجعهم على التخطيط لعملياتها على المدي الطويل، ويجعل الشحن البحري أكثر تنافسية مع وسائل النقل الأخرى مما يسهم في نمو التجارة العالمية، ويحقق عدم التمييز بين الشركات بما يضمن عدالة المنافسة، ويزيد من شفافية الإجراءات الجمركية بما يقلل من فرص الفساد.