
أشجار المانجروف تعد من الأشجار ذات الآثار الاقتصادية والطبيعية والبيئية الهامة، وعلى رأسها مواجهة التغيرات المناخية، وهى أحد مشروعات الدولة، بالتعاون بين وزارتى البيئة والزراعة مركز بحوث الصحراء، والتنمية المحلية محافظة البحر الأحمر، حيث يعتبر الخطوة الرئيسية لإطلاق أكبر مشروع للتوسع فى غابات المانجروف على سواحل البحر الأحمر للمساهمة، من أجل تحقيق قيمة اقتصادية، إضافة إلى تحسين الأوضاع البيئية بالمنطقة لتحسين المستوى الاجتماعى والاقتصادى للسكان المحليين لمواجهة مخاطر التغيرات المناخية.
المجتمع المدنى أيضا يحاول بقدر الإمكان أن يمد يد العون للدولة فى المساهمة فى استكثار وزراعة أشجار المانجروف كما حدث من فريق الاتحاد العربى للشباب والبيئة، والذى نظم مؤخرا مؤتمرا حول البيئة الساحلية فى محافظة البحر الأحمر بمدينة الغردقة بمشاركة ممثلين عن24 دولة عربية وافريقية، والذين زرعوا شتلات المانجروف بالغابات، حيث تكمن الميزة النسبية لزراعة أشجار المانجروف فى نموه على الصخور المرجانية الساحلية، فى الشقوق وبين الفجوات الموجودة بالصخر داخل الوديان، بسبب تتراكم الرواسب المحمولة بمياه الأمطار، بيئة المانجروف ترتبط بوجود الكائنات الحية من النباتات والحيوانات، فيعد حاضنة طبيعية ومخزونا للمادة الوراثية، حيث أنه مأوى للطيور والعديد من الحيوانات البحرية والبرية.
فى هذا السياق أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، أن مشروع الإكثار والتوسع فى مساحات زراعة المانجروف على ساحل البحر الأحمر، ياتى ضمن خطة الدولة فى تكثيف مشروعات السياحة البيئية، بالإضافة للاستفادة من المحميات الطبيعية والاستثمار البيئى لها، حيث تم انشاء 4 مشاتل لإكثار أشجار المانجروف فى كل من سفاجا وحماطة وشلاتين بمحافظة البحر الحمر، والمحمية الطبيعية “نبق” فى محافظة جنوب سيناء، وذلك من أجل تعظيم إمكاناتها الاقتصادية والبيئية والسياحية، بالإضافة لما يتم إنتاجه سنويا ويصل لحوالى 25 ألف شتلة مانجروف بالعروة الواحدة، أى بمعدل عروتين سنويا، ويصل تقريبا بإجمالى 300 ألف شتلة خلال فترة المشروع بإجمالى مساحة مستهدفة تصل إلى 500 فدان.
وأضافت وزيرة البيئة قائلة: “مشروع استزراع غابات المانجروف، يعد ايضا أحد أدوات التنسيق بين العديد من الوزارات منها الزراعة والبيئة والبحث العملى، للمساهمة فى تحقيق خطط الدولة فى ملف التنمية المستدامة والحد من مخاطر التغيرات المناخية على مصر بالمناطق الواعدة سياحيا فى البحر الأحمر، ويمكن الاستفادة من مشروع تنمية غابات المانجروف، اقتصاديا وبيئيا، لأنها تعد أحد المراعى المميزة لتغذية النحل، وإنتاج أفخر وأغلى أنواع عسل النحل بالعالم، سواء من ناحية القيمة الغذائية له، حيث تم إقامة مناحل بهذه الغابات، الامر الذى ساعد على توفير فرص عمل جديدة للسكان المحليين”.
وفى سياق متصل أكد الخبير البيئى الدكتور مجدى علام، أن الاستخدام المباشر لأشجار “المانجروف” فى مصر لا يزال محدودا، لكن الاستخدام غير المباشر له مثل الخدمات البيئية والسياحة البيئية موجود منذ سنوات بشكل وأضح نوعا ما، حيث أن المنطقة تحتوى على أهم الأنظمة البيئية، والتى تغيير خريطة البيئة إيجابيا بعد التوسع فى إقامة غابات المانجروف، وحول الهدف البيئى للمشروع فإن التوسع فى المشروع يساهم فى الحد من مخاطر التغيرات المناخية، حيث حول منطقة سواحل البحر الأحمر إلى واحدة من أهم الوجهات السياحية والبيئة، خاصة مع ارتباط المشروع بتحسين الأوضاع البيئية فى إحدى القرى الريفية الخاصة بالصيادين والعاملين فى مشروع زراعات المانجروف.
وأشار علام، إلى أن مشروع استزراع غابات المانجروف يلعب أيضا دورًا هامًا فى الحفاظ على الاستقرار والاتزان البيئى، إذ يشكل دوما منطقة عازلة بين المنظومات الارضية والبحرية، ويحافظ على الشاطئ ويحميها من التآكل، ويحمى من الغمر الناتج بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، كما أن ارتباط المانجروف بالكائنات الأخرى من أعشاب البحر والشعاب المرجانية، ويؤدى إلى الحد من الملوحة الزائدة للأراضى التى ينمو فوقها لحوالى 50 جزءا فى الألف.
وشدد علام قائلا: “تأكل السواحل البحرية ونحر البحر بسبب الأمواج والمد والجزر فى البحار، مشكلة عالمية تهدد العديد من الشواطى بالزوال تضاف إلى العديد من الظواهر البيئية التى تهدد سلامة كوكب الأرض بسبب التغيرات المناخية، وتلجأ وزارة البيئة إلى العديد من الحلول الطبيعية لمواجهة تلك الظاهرة، وأهم حلول للحد من تأكل السواحل، منها إقامة الحواجز أو الأسوار البحرية، وهذا ما يسمى بـ”الحلول الصلبة”، وهى لها تأثير سلبى على البيئة، وهناك حلول طبيعية ذات تأثيره جيد على البيئة بالمقارنة بالحلول الصلبة نتعرف خلال السطور التالية عليها:
ومن جانبه قال الدكتور أحمد غلاب مدير عام المحميات بالبحر الأحمر، إن أشجار المانجروف الساحلية هى وصف لنباتات تعيش فى البيئات الشاطئية المالحة، وتنمو غابات المانجروف أو” لأيكة الساحلية” فى البيئات الشاطئية المالحة على التراب الطينى، وبعضها ينمو على الرمال والصخور المرجانية، فهى تتحمل العيش فى مياه أكثر ملوحة بـ100 مرة من تلك النباتات الأخرى.
وأضاف غلاب، أن أشجار المانجروف موزعة حول المناطق الاستوائية، ويوجد منها 65 نوعًا فى منطقة جنوب شرق آسيا، كما تشتهر عدة أنواع فى الوطن العربى أشهرها “القرم”، و”الشورى” المنتشر حول الساحل الغربى للبحر الأحمر، بمصر والسودان، والمملكة العربية السعودية واليمن، إضافة إلى مناطق أخرى فى الخليج العربى، وخليج العقبة، كما تضم الإمارات أحد الأنواع النادرة ويطلق عليه القرم الرمادى أو أفيسينيا مارينا.
جدير بالذكر أن وزارة البيئة اكدت عبر الموقع الالكترونى الرسمى لها أنه من دون التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها، فإن قرابة نصف شواطئ العالم ستكون عرضة للتآكل بحلول نهاية القرن الحالى، بسبب عمليات التعرية الساحلية، حيث سيؤدى تآكل الشواطئ الرملية إلى تعريض الحياة البرية للخطر، ويتسبب فى خسائر فادحة فى المدن الساحلية التى لم تعد لديها مناطق عازلة لحمايتها من ارتفاع منسوب مياه البحر والعواصف الشديدة، بالإضافة إلى ذلك سيزيد من كلفة التدابير التى تتخذها الحكومات للتخفيف من آثار تغيُّر المناخ.