العالمعاجل

مع وعود «الشرع».. أوروبا تعود إلى دمشق بتحولات مفاجئة

كتب- محمد فهمي

في تطور غير مسبوق منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية قبل أكثر من عقد من الزمن، بدأت عدة دول غربية، من بينها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في تجديد علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري الجديد.

 

الخطوة تمثل تحولا استراتيجيا هائلا، خاصة في ظل الأحاديث عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ووفقًا لتقرير نشرته مجلة “نيوزويك” الأمريكية، فيعكس هذا الحراك الغربي توازنا جديدا في المنطقة، مع تطلعات دولية لتحقيق الاستقرار بعد سنوات من الصراع.

 

العودة إلى دمشق

 

ذكرت مجلة “نيوزويك” أن ممثلين دبلوماسيين من فرنسا وألمانيا قد زاروا دمشق لأول مرة منذ 12 عامًا. وبينما لم يُعلن رسميًا إعادة فتح السفارة الفرنسية، فإن مشاهد العلم الفرنسي يرفرف في العاصمة السورية أثارت التكهنات حول عودة العلاقات بشكل رسمي. كما أعاد الاتحاد الأوروبي تمثيله في دمشق، تزامنًا مع إعلان الولايات المتحدة فتح قنوات اتصال مباشرة مع “هيئة تحرير الشام”.

 

وفي خطوة غير مسبوقة، التقى وفد دبلوماسي بريطاني بقائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، الذي يسعى لتقديم نفسه كرجل دولة معتدل يقود مرحلة انتقالية في سوريا الذي أكد أهمية بناء “دولة القانون والمؤسسات”، داعيا الغرب إلى رفع العقوبات للسماح بعودة اللاجئين السوريين.

 

تطلعات دولية وتحفظات غربية

 

رغم الإشارات الإيجابية، لا تزال هناك شكوك واسعة تجاه قيادة الشرع والمشروع الجديد في سوريا. وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أكد أن لندن تتطلع لرؤية حكومة شاملة تمثل جميع الطوائف في البلاد، وشدد على أهمية تأمين مخزون الأسلحة الكيميائية ومنع استخدامها.

 

في برلين، ركز الوفد الألماني على ضمان حماية الأقليات الدينية والعرقية في سوريا. كما أعلن الاتحاد الأوروبي استعداده للنظر في تخفيف العقوبات إذا أظهرت القيادة السورية الجديدة “خطوات إيجابية” نحو تحقيق العدالة وحماية حقوق المرأة والأقليات.

 

عودة محتملة للاجئين

أدت الحرب الأهلية إلى نزوح ملايين السوريين، لكن الأمم المتحدة أعلنت استعدادها لإقامة علاقات متجددة مع النظام السوري الجديد. وقدرت أن ما يقرب من مليون لاجئ قد يعودون إلى بلادهم في الأشهر الستة المقبلة. كما أشارت تقارير إلى أن آلاف اللاجئين بدأوا بالفعل في العودة، خاصة من تركيا ولبنان والأردن.

 

 

 

إعادة ترتيب المصالح

أفاد تقرير “نيوزويك” بأن روسيا، الحليف السابق للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، بدأت إخلاء بعض قواعدها العسكرية من سوريا، مع الإبقاء على قاعدتيها الرئيسيتين في اللاذقية وطرطوس.

 

ووفقًا لمسؤول في إدارة العمليات العسكرية في سوريا، فإن الإدارة تتبع نهجًا “براغماتيًا” في التعامل مع موسكو، مما قد يتيح استمرار بعض المصالح الروسية الاستراتيجية في سوريا، مثل اتفاقية استئجار ميناء طرطوس.

أما إيران، فقد أعلنت أنها لن تعيد فتح سفارتها في دمشق إلا بعد استيفاء “الشروط المطلوبة”، معبرة عن حذرها تجاه التطورات السياسية في البلاد.

 

مخاوف وتحذيرات دولية

 

رغم هذا الحراك، لا تزال هناك تحفظات دولية، فرئيسة الوزراء الإيطالي، جورجيو مالوني، دعت إلى الحذر، مشيرة إلى أن الأفعال ستكون الحكم النهائي على نوايا القيادة السورية الجديدة. كما شددت على ضرورة حماية الأقليات العرقية والدينية، لا سيما المسيحيين الذين تعرضوا لاضطهاد كبير خلال الحرب.

 

في المقابل، يحاول الشرع تقديم وعود بتحقيق الوحدة الوطنية وحل جميع الفصائل المسلحة، مؤكدًا ضرورة الانتقال إلى عقلية الدولة.

 

إن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الغرب ودمشق تعكس تغييرات جوهرية في المشهد السياسي السوري، لكنها في الوقت نفسه تحمل تحديات كبيرة.

 

وبينما يسعى المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار في سوريا، يبقى السؤال: هل ستتمكن القيادة الجديدة من الوفاء بوعودها، أم أن البلاد ستظل رهينة صراعات داخلية وأجندات دولية؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى