عاجلمقالات

محمد فهمي يكتب: حلم الدولة الفلسطينية.. مصر تحمل راية قضية العرب لـ79 عامًا

«قضية الأمة التي تحمل مصر رايتها».. كلمات يمكن أن نلخص بها الدور المصري الذي كان دائما حامالا لراية قضية العرب الأولى، فلسطين، مع بداية الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسيطينية.

 

لم تكن القضية الفلسطينية وليدة العدوان الغاشم على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، إلا أنها تغريبة متواصلة من الأحزان والموت والمقاومة من أجل بقاء شعب يعاني منذ وصول عصابات الهجانة الإسرائيلية منذ عقود لاحتلال أرضه.

 

فلسطين وحقوق شعبها بالنسبة لمصر ليست مجرد قضية دعم لدولة عربية، بل قضية أمن قومي، فالقاهرة دائما ما ترفع راية حقوق الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، وتندد بالانتهاكات التي يتعرض لها الأشقاء في فلسطين وتتحدث عن معاناتهم.

 

ولم يتوقف الأمر على مجرد الكلمات الرنانة ولكنه امتد إلى الأفعال، قكانت محاولات لم الشمل الفلسطيني عبر استضافة جولات عدة لقادة فتح وحماس، لتوحيد الصف وتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني حتى ينال كامل حقوقه.

 

«ستظل مصر دائماً وفية لعهدها، داعمة للسلام العادل، وشريكًا مخلصًا في تحقيقه، ومدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».. كلمات كتبها الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار بعد حربًا استمرت لـ15 شهرًا كاملة على الشعب الأعزل ليؤكد أن الدور المصري لم ولن يتوقف عند هذا الحد.

 

ونستعرض خلال التقرير التالي الدور المصري التاريخي لدعم القضية الفلسطينية على مدار 79 عامًا كانت فيها مصر الدرع والسيف للشعب الفلسطيني وأحلامه في إقامتة دولته المستقلة.

 

دعم لا يتوقف منذ 1946

 

عام 1946 ومن «أنشاص» وحتى يناير 2025، 79 عامًا لم يتغير فيها الدعم المصري للقضية الفلسطينية.

 

كانت مصر طرفًا أساسيًا في الأحداث التي سبقت حرب عام ١٩٤٨، كما سعت مصر إلى توحيد الموقف العربي من خلال جامعة الدول العربية، حيث اجتمع ملوك ورؤساء وممثلو ٧ دول عربية في مدينة ” أنشاص” بمحافظة الشرقية، عام ١٩٤٦ للتباحث حول التطورات في فلسطين، وعليه قرر المجتمعون التمسك بحق الفلسطينيين في تقرير المصير.

 

فقد ساعدت مصر في تمرير عدد من القرارات الأممية على مستوى مجلس الأمن والجمعية العامة – ضمن المجموعة العربية والإسلامية – لمحاولة التوصل لحل الدولتين ومنح الدولة الفلسطينية عضوية كاملة في الأمم المتحدة، ونجحت بالفعل في دعم السلطة الفلسطينية في الحصول على عضوية “صفة مراقب” في الأمم المتحدة عام ٢٠١٢، لمنح الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير وإنشاء دولة مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧.

 

كما كان لمصر دوراً كبيراً في توحيد الصف الفلسطيني من خلال اقتراح إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وتقديم الدعم لها، وساندت مصر قرار المنظمة بإنشاء جيش التحرير الفلسطيني في القمة العربية الثانية التي عقدت في الإسكندرية في سبتمبر ١٩٦٤.

 

وأعلنت مصر والدول العربية في أكتوبر ١٩٧٤ مناصرة الشعب الفلسطيني في حقه بإقامة سلطة وطنية مستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وعليه أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراها رقم (٣٣٧٥) لعام ١٩٧٥ بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط بناءًا على الطلب الذي تقدمت به مصر.

 

وفي إطار جهود مصر المضنية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، طرحت مصر خطة للسلام عام ١٩٨٩ والتي تضمنت ضرورة حل القضية الفلسطينية طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم ٢٤٢، ومبدأ الأرض مقابل السلام ووقف الاستيطان الإسرائيلي.

 

وفي سبتمبر عام ١٩٩٣ شارك رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسني مبارك في توقيع اتفاق أوسلو الخاص بحق الفلسطينيين في الحكم الذاتي.

 

وفي عام ٢٠٠٣، أيدت مصر وثيقة «جنيف» بين الإسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع في المنطقة، كما تجسدت الجهود المصرية في مبادرة السلام العربية المطروحة منذ عام ٢٠٠٢ والمبنية على مبدأ الأرض مقابل السلام – الذي أرساه مؤتمر مدريد للسلام عام ١٩٩١ – ورؤية حل الدولتين لشعبين يعيشان جنباً إلى جنب في سلامٍ وأمانٍ والتي اعتمدها مجلس الأمن في قراره رقم ١٥١٥ لعام ٢٠٠٣.

 

وفي ظل عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي في الفترة من ٢٠١٦ – ٢٠١٧، نجحت الدبلوماسية المصرية – في ضوء المبادرات التي أطلقتها خلال فترتي رئاستها للمجلس – في إعادة التركيز على حقوق الفلسطينيين بما أسهم في اعتماد القرار التاريخي ٢٣٣٤ بشأن الاستيطان.

 

وتبذل مصر جهوداً مضنية لتوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، وتؤكد مصر على التزامها التاريخي بدعم الشعب الفلسطيني عبر القيام بالعديد من الخطوات لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتثبيت الهدنة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وآخرها في مايو ٢٠٢١، والعمل على تهيئة المناخ الملائم لإعادة استئناف المفاوضات.

 

كما استضافت مصر الحوار الفلسطيني – الفلسطيني في جولات متكررة مُنذ ١١ نوفمبر ٢٠٠٢ بهدف مساعدة الفصائل على تحقيق الوفاق الفلسطيني.

 

وتؤكد مصر دائمًا على أن أي إجراءات مؤقتة أو حوافز اقتصادية لا يمكن أن تكون بديلا لخلق أفق سياسي أمام الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف في العودة لأرضه، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم ١٩٤ واسترداد ممتلكاته والتعويض عن الخسائر التي فرضها عليه الاحتلال.

 

هذا وتؤكد مصر على الدور المحوري والهام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، والتي تعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ١٩٤ لضمان حق العودة للفلسطينيين المُهجرين من أرضهم، إضافة إلى دورها السياسي واللوجستي في دعم الفلسطينيين داخل أرضهم وفي دول الجوار المُهجرين إليها قسرًا مُنذ ١٩٤٧.

 

وفي إطار التعامل مع الحرب في قطاع غزة، فقد سعت مصر مع الأطراف الدولية المعنية لاستصدار قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق نار مستدام في غزة، وهو ما نجحت بتحقيقه اليوم بالتعاون مع الوسطاء في قطر والولايات المتحدة الأمريكية، في التوصل لاتفاق هدنة يضمن وقف إطلاق النار في القطاع، وتبادل الأسرى، ودخول المساعدات عبر معبر رفح.

 

وقد عملت مصر مع الشركاء الدوليين على محاولة تخفيف معاناة الأشقاء الفلسطينيين في القطاع وإجلاء الرعايا الأجانب والمصابين من الفلسطينيين وتوفير الدعم اللازم للسلطة الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

 

كما دعت مصر إلى أهمية التزام إسرائيل بصفتها «قوة الاحتلال» بقواعد القانون الدولي لتوفير الحماية الواجبة للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بما في ذلك قطاع غزة، والأماكن المقدسة بمدينة القدس والضفة الغربية.

 

وأكدت مصر على ضرورة توقف إسرائيل عن اتخاذ الإجراءات والسياسات أحادية الجانب التي تسهم في اندلاع أعمال العنف والقصف والدمار، وفي مقدمتها أنشطة الاستيطان غير الشرعية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، خلافاً لاتفاقيات أوسلو والمرجعيات الدولية، وسياسات الطرد والإخلاء القسري للفلسطينيين بمدينة القدس وتغيير الطابع الزماني والمكاني والديموغرافي والجغرافي للمدينة المقدسة والحرم الشريف وامتداداتهما، وكذا محاولة فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة سياسيا وجغرافياً، ومحاولة إحداث تغيير ديموغرافي داخل قطاع غزة من خلال فصل شمال القطاع عن جنوبه وتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع قسريًا إلى جنوب القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى