عاجلمنوعات

ما حكم الدين في التاروت والأبراج والفرق بين الفلك والتنجيم؟.. علي جمعة يجيب

كتبت- نانا إمام

في حلقة اليوم من برنامج “نور الدين والدنيا”، تحدث الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية الأسبق، عن قضية مهمة انتشرت في العصر الحديث، وهي قضية الـ “فوركاستنج Forecasting”.

وأوضح د. علي جمعة: “Forecasting تعني التنبؤ بما سوف يحدث فيما بعد، مثلا، بالأرصاد الجوية، ودرجة الحرارة، وما يسميه الناس بـ “الأبراج” طبقا للمواليد، ونرى هذا أيضا في قضايا “التاروت” والفنجان، وأمثال هذه المداخل التي تحاول أن تستنبئ الغيب، والغيب قد يكون قد مضى، وحدث في مكان آخر، فهو غيب بالنسبة لي، وقد يكون في المستقبل، ويسأل الناس عن مدى توافق هذا مع القواعد الدينية والأوامر الربانية والنبوية.. هل جائز، أم هو دجل أم أن له حقيقة من الواقع؟.

 

وأضاف: “الفوركاستنج” كلمة يستعملونها في التنبؤات القادمة، خاصة إذا كانت مبنية على تجربة مضطردة أو إحصاءات سابقة، يعني معروف أن شهر يناير برد، ويوليو حر.. لما حد يقول إن شهر يوليو اللي جاي حر.. هل هذا هو نوع من أنواع التنبؤ أو ضرب الغيب، أو تألي على الله تعالى.. ولهذا كل سنة يحدث، وهو ليس ضربا من الغيب.. يقول الإمام القرطبي: مش ضرب من الغيب.. لما ألاحظ أن السحابة سوداء ومحملة بالماء أعرف فورا أنها ستمطر.. بالتكرار، والتجربة.. لو استعملت معلوماتي السابقة فأنا في حدود الحاصل والواقع.

 

وتابع: فيه “باك كاستنج” prediction أيضا، يعني لما نحسب: 2، 4،6، 8، 10.. كمل: 12.. ولو قلنا: 12، 10.. هاننقص 2.. ده “باك كاستنج”، يعني اللي حصل بالتجربة عن طريق الإحصاءات.. يعني كل الناس عارفاها، وأنا ممكن أستنبطها.. فما حكاية علم الغيب، وما هي الأسئلة المحيرة فيه، والأحكام التي وردت بشأنه؟.

 

الفنجان والأبراج

وتلقى جمعة سؤالا من شاب: ازاي قارئ الفنجان والأبراج بيعرف المستقبل؟

فأجاب: الفنجان حاجة جديدة وقريبة، بمعنى أنها لم تكن موجودة عند الأقدمين، والملاحظ أن قارئ الفنجان بيقول حاجات عامة.. تحدث لكل الناس.. يعني قدامك طريق سفر.. كل الناس عندها طريق سفر.. انت شايل الهم.. مين فينا مش شايل الهم؟! ومش عنده مشكلة في الشغل، في الأولاد، في الفلوس، في الصحة؟!.. بيتكلموا كلمات عامة بحيث أننا نعتبر الفنجان كأنه لا شيء.. واستهواء، لما أقولك حاجة وتحس إنها لمست عندكك شيئا معينا فتنها أمامها.

 

الجن يعرف الماضي فقط

واستدرك قائلا: عندنا مخلوق اسمه الجن، بيعرف الماضي، لكن مش بيعرف المستقبل.. ممكن يتدخل في هذا ويحي إلى قرينه من الإنس بمثل هذه الأشياء، لكن مش في الفنجان.. الفنجان استهواء، مش استكناه للغيب، بيبقى كلام عام يصلح لكل حاجة.. لكن التاروت ممكن يكون فيه ضرب من الجن.. وفيه حاجات تانية اللي هي النجوم.. والأبراج فيها أيضا تجربة إن مواليد الشهر ده عندما يكون فيه فلك معين يكون لهم خصائص معينة.. بالتجربة وجدناها أغلبية مش كلية، كل واحد له معدة ورئة، لكن لما أقولك انت رومانسي شوية أو جاد في عملك أو غضوب.. دي صفات عامة.. ولذلك لما بتوع الأبراج وقعوا في المشكلة التشابه دي قالوا نفرق بين الرجل والمرأة.. يبقى فيه حوت رجل وحوت امرأة.. برضه لقيوا المسألة مختلفة.. فقالوا: إن فيه رجل حوت جيد، ورجل حوت رديء.. وامرأة حوت جيدة، وامرأة حوت رديئة تهربا ومضاد للواقع.

وأشار: ناخد من الكلام ده كله حاجة عايزين نفهمها بعمق.. ربنا خلق الكون وخلق بينه علاقات كتيرة جدا، لدرجة تجعلنا مذهولين أما قدرة الله.. فراح واحد ألف “العلم يدعو للإيمان”، حيث تبين  من  الساينس.. العلم التجريبي.. أن الشمس لو اقتربت بدرجة بسيطة نحترق، ولو ابتعدت نتجمد.. مين اللي حطها في مكانها الدقيق ده؟

 

ظاهرة المد والجزر

وقال الدكتور علي جمعة: القمر لو قرب تحصل ظاهرة المد والجزر، لو بعد يبقى مش مضبوط.. بحيث يستحيل عقلا أن هذا الكون بلا خالق.. ومن يقول إن هذا الكون بلا خالق عامل زي اللي بيقول إن فيه زلزال حصل في مطبعة فالحروف نزلت واترصت جنب بعضها وشكلت جمل، وطلعت شعر، وهذا الشعر اتدلق على الكتاب فراح طبع الكتاب.. كلام مجانين.. اللي يقول إن الكون ده ملوش إله، والإبداع ده كله يحصل بهذه الكيفية.. والعلماء قالوا إن فيه حاجة.. ربنا ربط بين جريان الكواكب والأحداث الأرضية.

 

الفرق بين الفلك والتنجيم

أثناء حديثه عن التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، توجه شاب بسؤال إلى الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قائلا: فيه ناس بتقول إن الفلك علم ومش تنجيم؟

 

وأجاب المفتي الأسبق: فيه فرق بين “الاسترونمي” Astronomy، أي علم الفلك، اللي بنشوف من خلاله النجوم والأبعاد بينها، وكيفية الصعود إلى الفضاء، وبين “الاسترولوجي” Astrology، أي علم التنجيم، يعني نقول البرج ده صفاته كذا، وكذا.. وده بيعملوه على 3 أقسام.. ادخل على “جوجل” واعرف الأقسام، والفروق بينها.. لكن في النهاية فيه فرق بين الفلك بتاع الدكتور فاروق الباز، وعلوم “ناسا”، وحرب النجوم اللي كانوا عايزين يعملوه، وبين الصفات حسب شهور الولادة، وحظك اليوم..

الفلك علم، ومقرر في كلية الهندسة بكل الجامعات.

 

لا أحد يعلم الغيب

وألقت فتاة سؤالا مهما: هل فيه شيوخ بيكونوا عارفين الغيب؟

ورد الشيخ بكلمة واحدة: لا، قطعا.

وسألت فتاة: هل فيه حيوانات بتحس بالناس قبل ما تموت، زي الكلب، أو الغراب؟

وأجاب الشيخ علي جمعة: فيه ملاحظات لما صدرت “سيكلوبيديا بريتانيكا” (الموسوعة البريطانية)، بدأوا ينحون كل هذه الظواهر.. مثلا أن الكلب يحس، الحمار يحزن على موت صاحبه..

وأوضح: أنا اسمي: علي جمعة محمد عبد الوهاب، جدي كان في القرية.. لما مات الحمار امتنع عن الأكل حزنا.. طيب إيه اللي عرفه إن صاحبه مات.. ربنا بيعطي مواهب.. الكلب مثلا، ممكن يحس بالخطر نحو صاحبه، والحصان كذلك.. ولذلك كتب الغربيون إنهم مش مبسوطين من حكاية الإلهام؛ لأن الإلهام دليل على أن ده حيوان مش إنسان.. فبيرفضوا فكرة إن الإنسان يحصل له إلهام.

ده كلام خطأ فالإنسان بيحصل له فتح وإلهام.. إذا كان الحيوان بيحصل له إلهام.

فيه مظاهر كدة.. بعد تكاثر هذه المظاهر عندهم جمعوها فيما يسمى “باراسيكولوجي psychiatry”، تجمع كل الحاجات الغريب، من الإلهام، أو التليباثي Telepathy (التخاطر الذهني).

 

الحلم والرؤيا والكابوس

وسألت إحدى الفتيات: الناس اللي بتحلم أحلام وبتتحقق، هل بيكون مكشوف عنهم الحجاب؟

 

وكان رد الدكتور جمعة: اللي بنشوفه في المنام 3 أنواع.. أولا: الرؤيا (بالألف)، مش الرؤية (الإبصار في اليقظة).. الحلم من الشيطان.. وحديث النفس اللي ممكن يكون كابوس. النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: “انقطعت النبوة وبقيت المبشرات”، قالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو تُرى له.. الرؤيا اللي تقومي بعدها سعيدة، المنامات اللي فيها حاجات حلوة نسميها “الرؤيا”.. المنامات اللي فيها حاجات وحشة، أسد بيهجم عليا، تعبان بيهاجمني.. بنسميها حلم.. أما الكابوس بييجي من الأكل التقيل قبل النوم.. يشوف ناس طالعة من القبور، وناس نازلة من السما.. حاجات لا معنى لها.. الله يتوفى الأنفس حين منامها والتي لم تمت في منامها.. الروح بتطلع مرة واحدة.. يسمون النوم “الموتة الصغرى”، ويسمون الموت “النومة الكبرى”.

 

وتساءلت إحدى الفتيات: رأي فضيلتك في اللي بيحس بالحاجة قبل ما تحصل؟

وأجاب د. جمعة: من ضمن هذا البشرى، إنك هاتنجحي، وانتي لسة ما دخلتيش الامتحان.. كل حاجة في المنام نسميها بشرى.

 

 

الإيمان بالأبراج ليس شركا بالله

وردا على سؤال: هل المؤمن بالأبراج كافر؟

قال: لا لم يكفر، حكمه أنه شخص بيتصرف بلا عقل.. لما يشرك بغير الله يبقى يدخل النار، وربنا يعذبه يوم القيامة، ويعلقه من رجليه ويحطه في النار. بس اللي بيقول إني مولود في الحوت فالنهاردة هايصل لي كذا وكذا يبقى عبيط، هاتدخلي العبيط ده في نطاق الشرك؟ هو مش مشرك، لا عبد وثن ولا عبد مع الله إلها آخر.. ده ارتكب عباطة، سذاجة.. قلة عقل.. المبادرة إلى التكفير ممنوعة، لأن المسلم اسمه “المسلم الصعب”.. صعب تخرجيه بسهولة، شهد أنه لا إله إلا الله، وأن سيدنا محمدا رسول الله، خلاص هو مسلم.. لابد من التحقيق معه أن يكون قاصدا، عالما، مختارا.. ده رجل ساذج، طيب، على باب الله، فاحنا نوضح له حتى لا يقع في مثل هذه السذاجة، ولا في هذا الشيء الذي هو أقرب إلى الضحك مش الشرك.

 

 

وكان السؤال الأخير، في حلقة اليوم، من فتاة، قالت: لو حلمت حلم على هيئة أشخاص، بيقى حقيقة أم لا؟

وأجاب: لو رأيتي أشخاصا طيبين يبقوا طيبين؟ لا.. لو شفتيهم سيئين يبقوا سيئين؟ لا.. ده منام لا تتحكمين فيه.. نحاول نؤوله على طرف الخير.. مش الشر.

واختتم، قائلا: ربنا خلق هذا الكون وأبدع في خلقه.. وفيه من الأسرار والتقاطعات ما الله به عليم.. وكل ما يكتشف الإنسان هذه التقاطعات ينبهر بخلق الله سبحانه وتعالى، لكن هناك أشياء قطعية، وهناك أشياء ظنية.. هناك ضرب من محاولة معرفة الغيب، وهذا ممنوع.. وهناك تطبيقات لتجارب، وهذه سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا.. وهناك خرافات مسيطرةكما في التاروت والفنجان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى