العالمعاجل

«عملات متأرجحة وديدان المخمورة»| أغرب الأبحاث الفائزة بـ«نوبل» للحماقة

كتبت- نانا إمام

في عالم العلوم، قد يتوقع المرء أن الابتكارات تأتي فقط من الأبحاث الجادة والمخترعين العباقرة، ولكن في الحقيقة، بعض الاكتشافات الأكثر إثارة وابتكارًا تبدأ من تساؤلات غير مألوفة، وأفكار تبدو للوهلة الأولى أقرب إلى الهزل منها إلى الحقيقة.

جائزة «إيج نوبل»، التي تُمنح سنويًا للأبحاث التي تجعلنا نضحك ثم نفكر، تحتفل بهذا النوع من الإبداع غير التقليدي، من عملات معدنية تُلقى لتحديد فرص سقوطها على الوجه نفسه، إلى ديدان مخمورة تُفصل عن غيرها، تبرز هذه الجائزة إنجازات علمية غريبة تفتح آفاقًا جديدة للتفكير.

في كل عام، تُثير الأبحاث الفائزة حيرة الجمهور ودهشته، لكنها في الوقت نفسه تلفت الانتباه إلى مفاهيم علمية جريئة، فهذه الأعمال التي تبدو هزلية في ظاهرها، تُثبت أن العقول التي تجرؤ على التفكير خارج الصندوق هي التي تكتشف طرقًا غير مألوفة قد تقود إلى تطورات مهمة في المستقبل.

في مفاجأة علمية غريبة، فاز باحثون بجائزة «إيج نوبل» لاكتشافهم أن الثدييات يمكن أن تتنفس من خلال المستقيم، وذلك بعد سلسلة من التجارب التي أُجريت على الفئران والجرذان والخنازير، حيث وجد العلماء اليابانيون أن الحيوانات يمكنها امتصاص الأكسجين عبر المستقيم، ما فتح الباب أمام دراسة سريرية لمعرفة إمكانية استخدام هذه التقنية لعلاج الفشل التنفسي…

 

جوائز «إيج نوبل».. لمن تُمنح؟

جوائز «إيج نوبل» تُمنح للاكتشافات التي تبدو في البداية غريبة وتثير الضحك، لكنها تُلهم التفكير العلمي العميق بعد ذلك، ففي حفل أقيم في معهد ماساتشوستس لـ التكنولوجيا، تم تكريم الفائزين، الذين تلقوا ميدالياتهم مع محاضرات علمية مختصرة وأجواء مليئة بالمرح، وتختلف هذه الجوائز عن جوائز نوبل التقليدية، إذ تركز على تسليط الضوء على الأعمال غير المألوفة.

 

البحث الغريب.. تنفس عبر الأمعاء

أُثير اهتمام الباحثين اليابانيين بفكرة “التنفس المعوي” عندما لاحظوا أن بعض الحيوانات مثل سمك اللوتش تستخدم أمعاءها للتنفس، خلال أزمة جائحة فيروس كورونا، مع ندرة أجهزة التنفس الصناعي، بدأ العلماء اختبار إمكانية توصيل الأكسجين عبر المستقيم لعلاج مرضى الفشل التنفسي، وأظهرت تجاربهم على الفئران والخنازير نجاحًا في امتصاص الأكسجين عبر هذا الطريق، ووصف الباحثون هذا الاكتشاف في مجلة “ميد” بأنه “نموذج جديد” لدعم التنفس.

 

استجابة العالم للاكتشاف الغريب

رغم أن الباحثين شعروا بمشاعر مختلطة حول فوزهم بالجائزة، إلا أن الهدف الأساسي كان لفت الانتباه إلى الإمكانيات غير التقليدية للبحث العلمي، وقال د. تاكانوري تاكيبي، أحد قادة الفريق، إن إثارة الضحك ثم التفكير كانت مفتاح قبول هذه الجائزة، وحاليًا، يجري الفريق تجارب على البشر لدراسة هذه التقنية، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية.

 

اكتشافات غريبة أخرى.. من الحمام إلى الأعاصير

بجانب التنفس عبر المستقيم، تم تكريم أعمال علمية أخرى في تلك الليلة، أحد الأبحاث الأمريكية تضمن استخدام الحمام لتوجيه الصواريخ نحو أهدافها، بينما اكتشفت دراسة بريطانية أن مناطق ذات معدلات عمر قصيرة تعاني من غياب السجلات الصحيحة للولادات، أما في فرنسا، فقد توصل العلماء إلى أن اتجاه لفات شعر فروة الرأس يختلف بين نصف الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، ربما بسبب تأثير كوريوليس، بحسب الصحيفة البريطانية ذاتها.

 

دراسة عمر الإنسان.. «كشف الأخطاء الشائعة»

فاز د.سول نيومان بجائزة الديموغرافيا بعد إثباته أن العديد من الادعاءات حول الأشخاص الذين يعيشون لعمر طويل جدًا تأتي من مناطق ذات أعمار قصيرة وغالبًا بدون شهادات ولادة دقيقة، بحثه أشار إلى أن سجلات الشيخوخة المتطرفة مليئة بالأخطاء والاحتيال، مؤكدًا على أن البيانات المتعلقة بالعمر عادة ما تكون غير موثوقة.

 

الأشكال الطبيعية.. دراسة لفات الشعر

في دراسة عن اتجاه دوران الشعر، اكتشف فريق بقيادة البروفيسور رومان خونساري أن شعر فروة الرأس يميل للدوران في اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، وعكس ذلك في نصف الكرة الجنوبي، رغم أنها دراسة تبدو “غير مهمة”، إلا أن الفريق يعتقد أن تحليل هذه الأنماط الطبيعية يمكن أن يكشف عن آليات النمو الأساسية.

 

الجائزة مُنحت لعالم النفس بي. إف. سكينر الذي درس إمكانية استخدام الحمام الحي داخل الصواريخ لتوجيهها نحو أهدافها، ولعلماء آخرين اكتشفوا أن نباتًا يمكنه تقليد النباتات البلاستيكية المجاورة له، كما مُنحت جوائز أخرى لدراسات عن تأثيرات الأدوية المزيفة وتحقق من فرضيات حول سمك السلمون الميت، فضلًا عن دراسة عن احتماليات هبوط العملات المعدنية.

 

استنتاجات طريفة لكن هادفة

وأخيرًا، تُظهر جوائز «إيج نوبل» أن العلم لا يجب أن يكون دائمًا جادًا لتحقيق الابتكار، من الحمام إلى الديدان، إلى رمي العملات المعدنية.. كل هذه الدراسات قد تبدو “سخيفة”، لكنها تفتح آفاقًا جديدة للتفكير العلمي، وتجعلنا ننظر إلى العالم بعيون مختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى