عاجلمقالات

علي محمدين يكتب: وكالة البلح.. بين الماضي والحاضر

في قلب القاهرة، وعلى امتداد شوارعها الضيقة التي تعج بالحركة، تقع وكالة البلح، أحد أقدم وأشهر أسواق الملابس المستعملة في مصر. هذا السوق العريق ظل لعقود طويلة وجهة أساسية للراغبين في شراء الملابس بأسعار أقل من نظيراتها في المحلات التجارية، حيث يتميز بتقديم تشكيلات واسعة من الملابس بمختلف أنواعها، سواء المستوردة أو المحلية، الجديدة أو المستعملة، بأسعار تنافسية تناسب مختلف الفئات.

 

ورغم الشعبية الواسعة التي تحظى بها الوكالة، فإنها تواجه في كل موسم تغيرات في حجم الإقبال، إذ تتأثر حركة البيع بعدة عوامل، أبرزها المواسم والأعياد والظروف الاقتصادية. ومع اقتراب عيد الفطر، يلاحظ بعض التجار تراجعًا في الإقبال مقارنة بأوقات أخرى من العام، حيث يفضل الكثير من الناس شراء الملابس الجديدة بدلًا من المستعملة خلال هذه المناسبة.

 

إقبال ضعيف وتخفيضات كبيرة

في حديثه عن أوضاع السوق، يقول أحمد، أحد التجار الذين يعملون في وكالة البلح منذ عشر سنوات، إن الحركة التجارية ضعيفة حاليًا، إذ إن عيد الفطر عادةً ما يكون موسمًا لشراء الملابس الجديدة، مما ينعكس سلبًا على مبيعات البالة. ويوضح:

“الإقبال ضعيف مقارنة بفترات أخرى، لأن الناس في العيد تفضل الملابس الجديدة عن المستعملة. نحن نحاول تحفيز الزبائن عبر تقديم تخفيضات كبيرة على الملابس الشتوية لتصفيتها، لكن الإقبال لا يزال أقل من المتوقع.”

 

ورغم هذا التراجع، يؤكد التجار أن الأسعار داخل وكالة البلح تظل أقل بكثير من المحلات الكبرى، مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا للكثيرين، خصوصًا مع ارتفاع الأسعار في الأسواق الأخرى.

 

حركة نشطة بعد الإفطار وعروض للأطفال

على الجانب الآخر، يرى مهاب، وهو تاجر يعمل في الوكالة منذ خمس سنوات، أن الإقبال لا يزال موجودًا لكنه يتركز في ساعات المساء، حيث يزداد بعد الإفطار. ويقول: “هناك زبائن يأتون بعد الإفطار، وحركة البيع مستمرة، خاصة على الملابس الصيفية للأطفال. أبيع القطعة بـ 45 جنيهًا، لكن اليوم سأقدم عرضًا خاصًا لتشجيع الزبائن، حيث يمكنهم الحصول على القطعة بـ 35 جنيهًا. البضاعة متنوعة وتشمل الملابس الرجالي والحريمي، بالإضافة إلى البنطلونات والتيشيرتات.”

 

ويؤكد مهاب أن تقديم العروض والتخفيضات يساعد في جذب الزبائن، خاصة في الأوقات التي يقل فيها الإقبال، كما أن تنوع المعروضات يضمن استمرار الحركة في السوق.

 

أربعة عقود في السوق.. ووكالة البلح لا تخلو من زبائنها

أما نبيل، وهو أحد أقدم التجار في السوق، فقد أمضى أكثر من 40 عامًا داخل أروقة وكالة البلح، ويؤكد أن الإقبال على السوق لا يتوقف، وإن كان يتفاوت حسب المواسم. ويوضح:

“وكالة البلح دائمًا لها زبونها، حتى لو قل الإقبال في بعض الأوقات. نحن نبيع بأسعار أقل من نصف سعر المحلات التجارية، مما يجعلنا خيارًا مناسبًا للكثير من الناس. صحيح أن هناك بعض الفترات التي يقل فيها الإقبال، خاصة مع تغيير الفصول، لكن السوق يظل نشطًا.”

 

ويشير نبيل إلى أن عيد الأضحى يشهد حركة أكبر من عيد الفطر، لأن الناس في الصيف يقبلون أكثر على شراء الملابس المستعملة، بعكس الشتاء حيث تكون الأولوية للملابس الجديدة.

 

وكالة البلح.. بين الماضي والحاضر

تعد وكالة البلح من الأسواق التي تحمل طابعًا خاصًا، حيث يعود تاريخها لعقود طويلة، وكانت في الأصل سوقًا للملابس المستعملة التي تأتي من الخارج أو من المخزون غير المباع من المحلات الكبرى. ومع مرور الوقت، أصبحت وجهة رئيسية للطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل، حيث يمكنهم العثور على ملابس بجودة جيدة وأسعار منخفضة.

 

ورغم التغيرات الاقتصادية التي شهدتها مصر، وظهور متاجر الأوتليت والعروض المخفضة في المولات، لا تزال وكالة البلح محافظة على مكانتها. ويرجع ذلك إلى التنوع الكبير في الملابس المتاحة، إذ يمكن العثور على قطع من ماركات عالمية بأسعار زهيدة، بالإضافة إلى الملابس المحلية التي تباع بأسعار أقل من الأسواق التقليدية.

 

التحديات ومستقبل السوق

ورغم استمرار السوق في جذب الزبائن، فإن هناك تحديات تواجه التجار، منها ارتفاع تكاليف النقل والاستيراد، إلى جانب تغير سلوك المستهلكين، حيث أصبح البعض يفضل التسوق الإلكتروني أو الاتجاه إلى المحلات الكبرى في فترات الخصومات. كما أن بعض الزبائن أصبحوا أكثر انتقائية، ويفضلون الملابس ذات الحالة الجيدة جدًا، مما يفرض على التجار تحسين جودة البضائع المقدمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى