
سجلت أسعار الذهب ارتفاعا قياسيا أمس الثلاثاء، لتصل إلى 3500 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى في التاريخ، مدعومة بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة، وخاصة السياسات المثيرة للجدل للرئيس دونالد ترامب، سواء فيما يتعلق بالحرب التجارية مع الصين، أو الخلافات المستمرة مع الفيدرالي الأمريكي.
وأكبر دليل على ذلك، انهيار أسعار الذهب بداية من مساء أمس الثلاثاء وحتى الآن، لتصل إلى حوالي 3275 دولارا، بخسارة 225 دولارا خلال 24 ساعة، بالتزامن مع تصريحات ترامب، بأنه لا ينوي إقالة رئيس الفيدرالي، والتقدم في المفاوضات التجارية مع الصين بشأن الرسوم الجمركية، وهذا في الوقت الذي أدت فيه الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على البضائع الصينية إلى تصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، مما زاد من مخاوف المستثمرين من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وانعكست هذه القرارات، في عدم اليقين بالأسواق، وهذا ما استفاد منه الذهب في ظل عدم وضوح نتائج المفاوضات التجارية، حيث لجأ المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن، مما دفع الأسعار إلى الارتفاع.
صراع ترامب مع الفيدرالي.. سياسة نقدية غير مستقرة
تصاعدت الخلافات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، حول اتجاهات السياسة النقدية، حيث يطالب ترامب بخفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي، بينما يحاول الفيدرالي الحفاظ على استقلاليته.
وانعكس هذا الخلاف على الذهب، وهذا لأن أي إشارات إلى تسهيل نقدي يتمثل في خفض الفائدة، تدفع الذهب للارتفاع، لأن انخفاض العائد على السندات والأصول الأخرى يجعل الذهب أكثر جاذبية، بالإضافة إلى أن الخلافات تزيد من عدم استقرار الدولار، مما يعزز مكانة الذهب كبديل استثماري آمن.
هل يصبح الذهب استثمارا خطيرا بسبب التقلبات السياسية؟
مع تصاعد الأزمات الداخلية في الولايات المتحدة، وعدم وضوح نتائج الحرب التجارية، أصبح من الصعب التنبؤ باتجاهات الذهب بناء على العوامل الاقتصادية التقليدية، حيث أصبحت التطورات السياسية اليومية هي المحرك الرئيسي.
وحذر العديد من خبراء الاقتصاد والمحللين، من أن الارتفاع الحاد قد يعقبه تصحيح عنيف إذا حدثت مفاجآت إيجابية في المفاوضات التجارية أو السياسة النقدية، مما يجعل الذهب لم يعد ملاذًا آمنا تقليديا، بل تحول إلى أصل مضاربي يتطلب مراقبة يومية للسياسة الدولية أكثر من الاقتصاد.
الذهب في عصر ترامب… بين السياسة والاقتصاد
في النهاية، يبدو أن الذهب أصبح رهينة الصراعات السياسية، سواء بين ترامب والصين أو بين البيت الأبيض والفيدرالي، وفي ظل هذا المناخ، قد تستمر الأسعار في تحقيق أرقام قياسية جديدة، لكن مع مخاطر تقلبات حادة، مما يجعل الاستثمار فيه مقترنا بمخاطرة عالية تحتاج إلى متابعة لحظة بلحظة.