عاجلمقالات

علي محمدين يكتب: الاقتصاد المصرى فى طريقه للتعافى

كشفت البيانات الصادرة مؤخرًا، عن تحسن ملحوظ فى أداء الاقتصاد المصري على صعيد كافة المؤشرات وأبرزها تسجيل أكبر احتياطى من النقد الأجنبي فى تاريخ البلاد تجاوز 47 مليار جنيه، وتحسن مؤشر مديرى المشتريات ليحقق 50.7 نقطة خلال يناير، وكذلك انخفاض معدل التضخم لأدنى مستوى منذ مارس 2022، يأتى هذا رغم تحديات التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، والحرب التجارية العالمية.

 

وجاءت هذه النتائج الإيجابية للاقتصاد المصرى، بفضل ما نفذته الحكومة والبنك المركزى من إصلاحات اقتصادية شاملة بدعم من شركاء التنمية متعددة وثنائية الأطراف، سعيًا للوصول إلى مزيد من الاستقرار الاقتصادي.

 

بدأت الإصلاحات بإرساء البنك المركزى، منظومة صرف مرنة، بخفض سعر صرف الجنيه بنسبة تجاوزت 25% ليبلغ سعر الدولار الأمريكى بذلك أكثر من 50 جنيهًا خلال مارس 2024 مقابل حوالى 31 جنيه سابقًا، وأدت هذه الخطوة إلى تلاشى التباين بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار الصرف بالسوق الموازى، وبالتالى ربط أسعار الصرف وفق آليات العرض والطلب بالسوق.

 

 

كما عمل البنك المركزى، على السيطرة على التضخم، والذى سجل أعلى مستوياته وبلغ 38% فى سبتمبر 2023، عبر رفع سعر الفائدة مرتين خلال العام فى فبراير بواقع 200 نقطة أساس ليبلغ متوسط الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 21.75%، ثم زيادة أخرى فى مارس بواقع 600 نقطة أساس ليصل متوسط الفائدة إلى 27.75%.

 

بالتزامن مع ذلك أصدر أكبر بنكى قطاع عام شهادات إيداع لمدة عام بعائد سنوى 27% وعائد شهرى 23.5%، بالإضافة إلى شهادات إيداع مدتها ثلاث سنوات بعائد يصل إلى 30% ويتناقص تدريجيا، وذلك لاستيعاب السيولة النقدية فى السوق لمواجهة التضخم.

 

في نفس السياق استطاعت الحكومة إبرام أكبر صفقة استثمار أجنبى مباشر فى تاريخ مصر فى إطار مشروع تنموي بقيمة 35 مليار دولار فى منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالى بالشراكة الاستراتيجية مع دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال شركة القابضة ADQ””، مع توقعات بجذب استثمارات إضافية بقيمة 150 مليار دولار على مدار فترة تنفيذ المشروع.

 

ونتيجة لهذه التدابير، رفع صندوق النقد الدولى التمويل المقدم لمصر إلى 8 مليارات دولار بدلا من 3 مليارات دولار خلال عام 2022، وساهم هذا القرار فى تعزيز قدرة الحكومة على معالجة تراكم طلبات تمويل الواردات، ومن ثم تخفيف القيود المفروضة على استيراد السلع غير الأساسية، فبعد إعطائه الأولوية للواردات من السلع الأساسية ونجاحه فى تقليص حجم الواردات المتأخرة خلال النصف الأول من عام 2024، أقدم البنك المركزى على تخفيف قيود استيراد السلع غير الأساسية بشكل كبير خلال أغسطس من نفس العام.

 

وفى إطار تحسن مصادر تدفقات العملات الأجنبية من القطاعات الرئيسية، شهد عام 2024 ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج بنسبة سنوية 45.3% لتسجل 23.7 مليار دولار خلال أول عشرة أشهر من العام. وفى الوقت نفسه، أطلق البنك المركزى خاصية جديدة على تطبيق الدفع والتحويلات التابع له “انستاباي” تتيح للمصريين بالخارج التحويلات المالية الدولية بهدف تسهيل تدفق العملات الأجنبية.

 

ومن جانب آخر، بلغت إيرادات قطاع السياحة 14 مليار دولار خلال العام المالى 2023/2024، وبلغ عدد السياح القادمين لمصر 15.7 مليون سائح خلال العام والذى شهد الافتتاح الجزئى للمتحف المصرى الكبير المقرر أن يصبح أكبر متحف يجمع آثار حضارة واحدة تحت سقف واحد.

 

وفى سياق مواز، اتخذت الحكومة مجموعة من الخطوات المهمة لمعالجة التحديات المالية وتعزيز النمو الاقتصادى، أبرزها تحديد سقف الاستثمارات العامة عند تريليون جنيه بهدف إدارة عجز الموازنة مع التركيز على الأولويات الاستراتيجية، ومن ناحية أخرى، أحرزت الدولة تقدما فى ملف التخارج وزيادة جذب استثمارات القطاع الخاص فى الاقتصاد، منها تنفيذ الطرح العام الأولى لحصة 30% من المصرف المتحد ضمن برنامج بيع الأصول المخطط له، والذى تم الإعلان عنه فى عام 2022.

 

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة أعلنت عن قائمة بالشركات التى تنوى طرحها خلال عام 2025، متضمنة شركات كبرى فى قطاعات الخدمات المصرفية والطاقة والتطوير العقارى، وذلك فى إطار خطة شاملة تستهدف الحصول على 1.5 مليار دولار ضمن برنامج التخارج من بعض الأصول المملوكة للدولة.

 

وساهمت هذه الجهود فى تعزيز الثقة فى مستقبل الاقتصاد المصرى، أبرزها ترقية وكالات (فيتش) و (ستاندرد آند بورز) و(موديز) تصنيفاتهم الائتمانية لمصر، فخلال يناير 2024، عدلت وكالة (موديز) نظرتها المستقبلية لمصر إلى “سلبية” مع الإبقاء على تصنيفها الائتمانى “Caal”، لتغير (موديز) لاحقا توقعاتها المستقبلية إلى “إيجابية” خلال مارس 2024.

 

وخلال أكتوبر ثبتت وكالة (ستاندرد أند بورز) تصنيفها الائتمانى السيادى لمصر بالعملة الأجنبية والمحلية طويل وقصير الأجل عند “B-B” مع الإبقاء على نظرتها المستقبلية “إيجابية”. وفى نوفمبر، رفعت وكالة التصنيف العالمية (فيتش) التصنيف الائتمانى لمصر بالعملات الأجنبية على المدى الطويل من “B” إلى “B” مع نظرة مستقبلية “مستقرة”.

 

ورغم الضغوط الناتجة عن ارتفاع معدلات التضخم واستمرار التذبذب المصاحب للمشهد السياسى الإقليمى والعالمى، نجح الاقتصاد المصرى فى تحقيق معدلات نمو متوسطة نسبيًا مرتكزًا على تعافى القطاعات الرئيسية، وبلغ نمو الناتج المحلى الإجمالى 2.4% خلال الربع الأخير من عام 2024، مقابل 3.8% خلال العام المالى السابق، غير أنه من المتوقع أن يرتفع إلى 3.6% خلال العام المالى 2025، و4.1% خلال العام المالى 2026، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولى وتستند هذه التوقعات على الإصلاحات الهيكلية الجارية وتركيز الحكومة على قيادة القطاع الخاص للنمو، إضافة إلى تحسين السياسات النقدية والمالية التى تهدف إلى التعافى المستدام للنمو الاقتصادي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى