عاجلمقالات

علي محمدين يكتب: اشتعال حرب الصلب العالمية

 

 

يخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية شاملة على واردات الصلب، مدعيا أن هذه الخطوة ستساهم في إحياء المدن الأمريكية المنتجة للصلب، ومع ذلك ليست الولايات المتحدة وحدها التي تتخذ إجراءات سريعة لحماية صناعاتها المحلية، حيث تشهد سوق الصلب العالمية حالة من التوتر المتعدد الجبهات، مع سعي الحكومات لفرض قيود على واردات هذه السلعة الحيوية.

 

ولم يقف الحد عند أمريكا فقط، ولكن تفرض كل من كوريا الجنوبية وفيتنام رسوما جمركية على الصلب، بينما يعزز الاتحاد الأوروبي إجراءات الحماية، وتسعى دول أمريكا اللاتينية إلى زيادة الدعم لصناعاتها المحلية، وفي الغالب تكون الصين هي الهدف الرئيسي لهذه الإجراءات، حيث تعد المنتج الأكبر عالميا، حيث سجلت صادراتها من الصلب مستويات قياسية العام الماضي.

 

واردات الصلب

ويحذر الخبراء من أن الرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب قد تؤدي إلى تفاقم فائض المعروض العالمي من الصلب، مما يزيد الضغوط على المنتجين والحكومات في وقت تعاني فيه الأسواق من ضعف الطلب، وقال توماس جوتيريز، المحلل في شركة “كالانيش كوموديتيز”، إن القيود على الواردات الأمريكية قد تدفع بالصلب إلى أسواق أخرى، مما يزيد من البحث عن وجهات تصدير بديلة.

 

الصلب.. حجر أساس الاقتصاد العالمي

ويعتبر الصلب عنصرا أساسيا في الاقتصاد العالمي، حيث تسعى معظم الدول الكبرى إلى تعزيز صناعاتها المحلية منه، ومع تاريخ طويل من الحمائية في هذا القطاع، لا يزال الصلب يمثل رمزا للقوة الصناعية، خاصة بالنسبة لترامب الذي يفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم، مع إلغاء الإعفاءات السابقة وتوسيع نطاقها لتشمل منتجات جديدة.

 

وردا على ذلك، أعلنت المفوضية الأوروبية عن إجراءات مضادة ضد الواردات الأمريكية، تشمل الصلب والألومنيوم ومنتجات صناعية أخرى بقيمة تصل إلى 26 مليار يورو، وتعد هذه الإجراءات الأوسع نطاقا منذ عامي 2015-2016، مما يهدد بزيادة تكاليف الصناعات التي تعتمد على الصلب، مثل صناعة السيارات والبنية التحتية، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف وزيادة الاضطرابات الاقتصادية.

 

تأثيرات سلبية على الأسواق العالمية

ويخشى منتجو الصلب من إعادة توجيه الفائض العالمي، خاصة من الصين، إلى أسواق أخرى تعاني بالفعل من ضغوط. ففي أوروبا، تشير التقديرات إلى أن جزءًا كبيرا من الصلب الذي لم يعد مسموحا بدخوله إلى الولايات المتحدة قد يتجه إلى الأسواق الأوروبية.

 

وقال أكسل إيجيرت، المدير العام لمنظمة “يوروفر” التي تمثل منتجي الصلب في الاتحاد الأوروبي، إن 18 مليون طن من الصلب التي كانت تستوردها الولايات المتحدة ستبحث عن أسواق بديلة، وقد تكون أوروبا الوجهة الرئيسية.

 

توقيت حرج لفرض الرسوم

ويبرر ترامب فرض الرسوم الجمركية بأن الصلب الصيني يغرق الأسواق العالمية، مما يدفع دولا أخرى إلى تصدير المزيد إلى الولايات المتحدة، وقد أشار إلى البرازيل والمكسيك والأرجنتين كأطراف تساهم في هذه الظاهرة، ومع ذلك فإن توقيت هذه الرسوم يعد سيئا، خاصة مع تراجع الطلب على الصلب عالميًا بسبب الجائحة وأزمة العقارات في الصين، بينما ظل الإنتاج الصيني مرتفعًا عند أكثر من مليار طن سنويًا.

 

ردود فعل عالمية

أثارت زيادة صادرات الصلب الصينية موجة من الإجراءات الحمائية من قبل الشركاء التجاريين،  فقد فرضت فيتنام وكوريا الجنوبية رسوما جمركية على لفائف الصلب المدرفلة على الساخن، بينما أطلقت تايوان تحقيقات لمكافحة الإغراق، وأوصت الهند بفرض رسوم جمركية واسعة على واردات الصلب، وفي تايلندا، يعاني منتجو الصلب من تدفق المنتجات الصينية، مما يزيد من التحديات التي يواجهونها.

 

الصين تحت الضغط

وتواجه الصين ضغوطا متزايدة لتقليص فائض إنتاجها من الصلب، حيث بلغ حجم الصلب المتأثر بقضايا مكافحة الإغراق أكثر من 30 مليون طن بحلول فبراير الماضي، ومع توقع انخفاض صادرات الصلب الصينية بنسبة تصل إلى 17% هذا العام، يزداد الضغط على القطاع لتقليل الإنتاج الفائض.

 

الصين: سنرد على الرسوم الأمريكية الجديدة على الصلب والألمنيوم

وتعهدت الحكومة الصينية خلال الاجتماعات التشريعية الأخيرة بخفض الطاقة الإنتاجية الزائدة، لكن التحديات الاقتصادية الحالية قد تجعل هذه المهمة أكثر صعوبة، مما يجعل حرب الصلب العالمية قد تصل إلى نقطة تحول، مع تزايد الإجراءات الحمائية وتراجع الطلب، مما يهدد بتأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى