
الدعاء، جميعنا يحرص على أن يكون دعاؤه مستجابا حتى يحقق له الله عز وجل مطلبه، وأمرنا الله بالدعاء لأنه عبادة من أهم العبادات التي نتقرب بها إلى الله عز وجل، فيه ترفع الكربات وتفك الأزمات وتقضى به الحاجات، وذلك مصداقا لقوله “ادعوني استجب لكم”.
قبول التوبة
بين الله في كتابه العظيم أنه يقبل التوبة من عباده مهما تنوعت ذنوبهم وكثرت معاصيهم، كما قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].
ونحن نحتاج دائمًا للتوبة، في كل وقت وفي كل حين، فالتوبة لازمة لجميع المؤمنين، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتوبة، فقال: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (سورة النور ٣١).
وقال عز وجل: { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا } [التحريم:8]. وأيضا قوله عز وجل: { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} )سورة البقرة ٢٢٢).
وفي قول الله تعالى:(إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) [النساء:17].
فرحمة الله أوسع وعفوه أعظم، مصداقا لقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: 25]،
قال النبي – صلى الله عليه وسلم-:(الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ }.
فالتوبة أمر واجب على كل مؤمن، في كل حال، ومن كل ذنب. والتائب يحبه الله، والتوبة من أسباب الفلاح في الدنيا، وأن الله يقبل التوبة من عباده ويتجاوز عن الذنوب مهما عظمت.
شروط التوبة
الأول: دعاء الله وحده لا شريك له بصدق وإخلاص، لأن الدعاء عبادة قال تعالى:” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” {غافر: 60 }.
الثاني: ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رحم، في رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ: لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ
الثالث: أن يدعو بقلب حاضر موقن بالإجابة، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ”.
فضل الدعاء وجهاد النفس
عبادة المسلم لله وطاعته هي قضية إيمانية تمثل الإخلاص وترتبط بالإحسان، كما في الحديث الصحيح: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، فالمسلم يعبد الله على هذه الصفة، وهي استحضار قربه، وأنه بين يدي ربه كأنه يراه، وذلك يوجب الخشية، والخوف، والهيبة، والتعظيم، وقال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ” الحج: ١٧.
وفضل جهاد النفس هي الصلاح والهدايا في الدنيا والآخرة الفوز برضوانِ الله تعالى والجنان.
فقد ورد عن النبي محمد صلّى الله عليه وسلَّم أنّه قال: (والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ).
أما إذا أطاع المرء نفسه هلك، أما إن جاهدها وزمها بزمام الإيمان، وألجمها بلجام التقوى، فإنه يحرز بذلك نصرًا في جهاد نفسه. وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: « قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع: ألَا أُخبِرُكم بالمؤمنِ: مَن أمِنه النَّاسُ على أموالِهم وأنفسِهم والمسلمُ مَن سلِم النَّاسُ مِن لسانِه ويدِه والمجاهدُ مَن جاهَد نفسَه في طاعةِ اللهِ والمهاجرُ مَن هجَر الخطايا والذُّنوبَ».