أخبارعاجل

سامح عبد الغني يكتب: مساجد آل البيت والصالحين على أطلال معبد الأقصر

تنتشر حول مصر قائمة طويلة من مساجد الصالحين وآل بيت رسول الله، وفى أقصى الصعيد بقلب محافظة الأقصر، يوجد أشهر وأقدم مسجد تاريخي لأحد الصالحين وهو مسجد سيدى أبو الحجاج الأقصرى الذي يقع فى أحضان معبد الأقصر ويطل على كورنيش النيل، والذي يعود بناؤه للعارف بالله أبو الحجاج الأقصرى، وهو “يوسف بن عبد الرحيم بن عيسى الزاهد” الذي كان قطب من أقطاب الصوفية فى حياته، وأصبحت الأسرة الحجاجية من بعده أعلام فى التصوف والدين الإسلامى.

 

وعن قصة صاحب المسجد، يقول الشيخ مبارك على إمام المسجد، أن العارف بالله أبو الحجاج الأقصرى، هو “يوسف بن عبد الرحيم بن عيسى الزاهد”، الذى استقر فى الأقصر وكان ينتمى إلى أسرة كريمة ميسورة الحال عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير فى الدولة العباسية، وينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما، وقد ولد الشيخ في أوائل القرن السادس الهجري بمدينة بغداد، في عهد الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله، حيث ترك سيدى أبو الحجاج الأقصرى العمل الرسمى وتفرغ للعلم والزهد والعبادة.

 

وسافر إلى الإسكندرية والتقى فيها أعلام الصوفية خاصة من أصحاب الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبد الرازق الجازولى، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه، ثم عاد أبو الحجاج إلى الأقصر، والتقى الشيخ عبد الرحيم القنائى “صاحب مسجد قنا الشهير”، وأقام واستقر بالأقصر، حتى وفاته في عهد الملك الصالح نجم الدين الأيوبى عن 90 عامًا، وكان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان، وترك أبو الحجاج تراثا علميا، ومن أشهره منظومته الشعرية في علم التوحيد وتقع في 99 بابا، وتشتمل على 1233 بيتا، وتوفي الشيخ بالأقصر عام 642هـ، ويقال إنه كان كثير الاعتكاف والانعزال بمعبد الأقصر، ولهذا السبب أقام مسجده بقلب معبد الأقصر.

 

تاريخ المسجد الذي يعود تاريخ بناؤه إلى عام 658هـ، الموافق 1286م، حيث تم بناؤه على طراز المساجد الفاطمية القديمة، يزاحم تماثيل رمسيس الثاني أحد أعظم الملوك فى أسرات الفراعنة، والذى تم تسجيله ‏كأثر‏ ‏إسلامى ‏فى 21 يونيو 2007، وهو عبارة عن ساحة مربعة الشكل، مغطاة بقبو ومدخله الرئيسي يقع بالجهة الغربية جرت له عمارات كثيرة في العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية والحديثة، وهو مشيد على الجهة الشمالية الشرقية لمعبد الأقصر، ويبلغ ارتفاع مدخله 12 مترًا، ويخلو من الزخارف الهندسية والنباتية واللوحات الخطية المعروفة في العمارة الإسلامية.

 

ويقف مسجد أبوالحجاج الأقصرى شاهداً على 3 حضارات إنسانية، حيث يخترق بطابعه الإسلامي بهو معبد الأقصر الذي يحتوى على الكثير من مظاهر الحضارة الفرعونية من أعمدة وتماثيل ونقوش ورسومات لا تزال حية على جدران المعبد، ويضم المسجد بقايا كنيسة قبطية قديمة طمرت تحت مبنى المسجد الذي يرتفع فوق سطح أرض المعبد بأكثر من 10 أمتار، ومئذنة المسجد من أعرق وأشهر المآذن بمصر، فهى أقدم أجزاء المسجد القديم وتعود إلى عصر أبو الحجاج، وتتكون من ثلاث طبقات الأولى مربعة الشكل، والثانية والثالثة على شكل أسطوانى، وقرب نهايتها مجموعة من النوافذ والفتحات، وهى مبنية بالطوب اللبن، والجزء الأسفل المربع مقوى بأعمدة خشبية، وتشبه مئذنة مسجد أبو الحجاج مآذن الصعيد القديمة ذات الطراز الفاطمى ويبلغ ارتفاعها نحو 14 مترا، وقد أجريت للمسجد عدة عمارات وتوسعات، وتم ترميمه أوائل القرن العشرين.

 

ويستقبل ضريح أبو الحجاج بالأقصر، بشكل يومى الآلاف من المواطنين، الذين يقومون بتوزيع الخبز الصغير والأرز باللبن والتمر على مريديه، كما تقصده العروس قبل زفافها لطلب البركة بأهل الله الصالحين، ويتميز المسجد والضريح الذي مضى على بنائه أكثر من 8 قرون، بشكله الفريد وتوسطه لكتلة أثرية فريدة يقصدها السياح من مختلف البلدان جعله يخطف أنظار السياح القاصدين لزيارة معبد الأقصر، وتحول لدى الكثير منهم إلى فقرة رئيسية ضمن برامجهم لزيارة آثار مدينة الأقصر، حيث أنه قيمة تاريخية وأثرية تخطف عيون الوافدين إلى معبد الأقصر، للبحث فى تاريخ هذا المسجد والسبب وراء وجوده فى أحضان معبد الأقصر بهذا الشكل.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى