أخبارعاجل

سامح عبد الغني يكتب: متحف قناة السويس العالمى منارة حضارية

افتتحت هيئة قناة السويس متحف قناة السويس العالمي الجديد بمدينة الإسماعيلية أمام الجمهور “مجانًا” خلال فترة التشغيل التجريبي للمتحف تزامنا مع ذكرى انتصار العاشر من رمضان، وذلك بعد الانتهاء من تجهيز أعمال العرض المتحفي للمقتنيات والقطع الأثرية التي يصل عددها إلى ما يقرب من 2000 قطعة أثرية يضمها المتحف من خلال 12 قاعة عرض تسرد تاريخ القناة على مر العصور.

 

 

ويرجع تاريخ المبنى إلى ما يزيد عن 160 عامًا حيث شيد عام 1862 ليكون المقر الإداري الأول للشركة العالمية لقناة السويس البحرية، والذي تمت من خلاله إدارة عملية حفر القناة التي استمرت 10 أعوام كاملة من عام 1859 حتى عام 1869 م.

 

وحرصت الهيئة على القيام بأعمال الترميم للمبنى التاريخي وإعادته لسابق عهده مع الحفاظ على طرازه المعماري الذي يجمع في تصميمه ما بين الطابع العربي الإسلامي والطابع الأوروبي، بالإضافة إلى الكشف عن الألوان الأصلية للمبنى، وذلك بالتنسيق بين وزارة الآثار ومركز هندسة الآثار والبيئة بكلية الهندسة جامعة القاهرة وبتنفيذ شركة المقاولون العرب المقاول الرئيسي للمشروع.

 

استغرقت عملية ترميم المبنى وتجهيزه كمتحف بالمقتنيات والقطع الأثرية ما يقرب من ثلاث سنوات تم خلالها الاستعانة بأحدث تقنيات الترميم وطرق ووسائل العرض المتحفي بما يضاهي المتاحف العالمية.

 

يعتبر مبنى قناة السويس القديم من أقدم المباني التاريخية القديمة وهو تابع لهيئة الآثار حاليًا، حيث ضمته الآثار كأثر عام 2004، وتم إنشائه على طراز معماري إسلامي أوروبي، ويعود تاريخ المبنى إلى عام 1862، عندما قام المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس بإقامة مقر إقامة له في مدينة الإسماعيلية، وهو المبنى المعروف حاليًا باسم “فيلا ديليسبس”، وإلى جواره المبنى الإداري الخاص بشركة قناة السويس العالمية، وفي الأيام الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، تحول المبنى إلى مقر لأمانة “الحزب الوطني الديمقراطي” بمحافظة الإسماعيلية، وبعد ثورة يناير 2011 وحل الحزب الحاكم، تم إغلاق المبنى، إلى أن قررت هيئة قناة السويس، بالتعاون مع جمعية “أصدقاء ديليسبس”، إعادة تأهيل المبنى مرة أخرى، وتطويره ليكون متحفًا عالميًا، يضم تاريخ الهيئة، منذ افتتاحها وحتى افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي للقناة الجديدة، وجاءت فكرة إقامة المتحف على يد جان بول كالون، رئيس الجمعية الفرنسية لأصدقاء قناة السويس، ووضع حجر الأساس للمتحف العالمي الجديد عام 2013.

 

ومشروع متحف قناة السويس العالمي، هو عبارة عن أعمال إنشائية وترميم أول مبنى إداري لقناة السويس وإعادته لسالف عهده عقب الافتتاح التاريخي لقناة السويس عام 1869، وتأهليه ليكون متحف عالمي يحكى تاريخ قناة السويس منذ نشأتها حتى افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لقناة السويس الجديدة، كما شمل المشروع إدراج استراحة فرديناند ديليسبس داخل المتحف، وتضمن عمل جدارية تذكارية تحكى تاريخ قناة السويس، والمتحف يشغل مساحة عشرة آلاف متر مسطح تمثل مساحة المباني المشغولة منها 5500 متر مسطح وبدروم بمساحة 1200 متر مسطح.

 

كما شمل المشروع شبكة أنفاق داخلية ممتدة خارج نطاق المتحف، والعمل في المتحف بدأ بترميم الأعمال الخشبية بالكشف عن اللون الأصلي للأخشاب ودهانات الحوائط الذى أنشئ بها المبنى وإعادتها لأصلها وإزله قواطيع الأخشاب المستحدثة، ويضم المبنى 99 قاعة و114 باب و175 نافذة و303 عمود خشبى، وتكلفة المشروع تقارب 200 مليون جنيه، والمتحف يضم قطعًا أثرية نادرة، وهو ما سيسهم في رفع القيمة السياحية لمنطقة قناة السويس.

 

المتحف يؤكد أن قناة السويس هي فكرة مصرية خالصة منذ آلاف السنين مرورًا بالقنوات التي تم إنشائها وحتى إنشاء قناة السويس الجديدة في 2015 في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخلال الترميم تم اكتشاف شبكة أنفاق ضخمة جدًا تصل مدينة الإسماعيلية ببعضها، وتمتد لأماكن تبعد عن المتحف وتم تخصيص جزء منها ليكون ضمن الأماكن المفتوحة للزيارة بالمتحف.

 

القاعات داخل المتحف تم تقسيمها إلى 7 محاور تحكي تاريخ القناة فيضم قاعات تحكي الموقع الجغرافي والممر الملاحي الدولي والحفر البدائي والسخرة وعصر الميكنة والتكنولوجيا والافتتاح الأول لقناة السويس والتنمية العمرانية التي سببتها القناة وإنشاء محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وازدواج القناة ومشروعات التطوير الحالية، بالإضافة إلي قاعة خاصة بقرار التأميم، بها بعض الوثائق والمقتنيات الخاصة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتضم بعض التحف النادرة أيضًا.

 

وقال اللواء وسام الدياسطي، مستشار رئيس هيئة قناة السويس، ورئيس متحف قناة السويس العالمي، إن المتحف يضم مقتنيات هامة وتاريخية منها تمثال ديليسبس ومركب أثري خشبي والعربات الملكية التي تم استخدامها في أول افتتاح لقناة السويس بحضور الملكة أوجيني والصالون الذى جلستعليه، وهو طقم أنتريه يتكون من عدد من الكراسي والكنب، كان الخديوي إسماعيل أعده ليستقبل فيه الإمبراطورة أوجيني أثناء حضورها إلي حفل افتتاح قناة السويس، ثم آلت ملكية هذا الطقم لاحقا لأبناء الخديوي، بالإضافة المقتنيات التي تم استخدامها في الحفر كالمطارق والمقصات وأسنان أول حفارات وأدوات الحفر القديمة، ومقتنيات أوجيني وديلسبس، وماكيتات خاصة ووثائق خاصة بالقناة والمجري الملاحي.

 

أضاف اللواء وسام الدياسطي، لـ “اليوم السابع”، كما ضم متحف قناة السويس بعض عربات القطارات الأثرية والتي يعود تاريخها إلى حقبة حفر قناة السويس، والهدف من ضم العربيتين للمتحف هو التأريخ لفترة تاريخية مهمة من عمر مصر بتتعلق بكونها ثاني دولة في تاريخ العالم شهدت دخول خدمة القطارات بعد بريطانيا، وكذا تمثال فرديناند ديليسبس الضخم والذى قامت بنقله الشركة المنفذة للمشروع في عملية نقل تعد الأضخم من دونها حيث تم نقله من محافظة بورسعيد إلى محافظة الإسماعيلية.

 

وتابع الدياسطي، ضم شاليه ديلسبس للمتحف وتم ترميمه وهو يضم مقتنيات ديليسبس كاملة ومقتنيات زوجته من مكتبه الخاص إلى سريره وأدواته الشخصية وأدوات زوجته وبعض الملابس وكل شيء تم الحفاظ عليه على مدار هذه السنوات، بالإضافة إلي كتاب “وصف مصر”، الذي يحمل بين طياته تاريخ الحضارة والثقافة بتحليل وعمق، واشترك فى تصنيفه نحو 150 عالمًا فرنسيًا، وأكثر من ألفى فنان وتقنى، ليخرجوا أحد أكبر الموسوعات عن تاريخ مصر وربما أهمهما على الإطلاق.

 

وقال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إن المتحف العالمي للقناة يمثل منارة حضارية ومحورًا للتنمية الثقافية السياحية، ويدعم جهود الدولة لتنمية المنطقة، مشيرًا إلي أن المتحف بعد افتتاحه سيساهم في تشجيع السياحة الخارجية بالتوازي مع جهود تعزيز سياحة السفن السياحية وسياحة اليخوت المارة عبر قناة السويس.

 

وأضاف رئيس هيئة قناة السويس، في تصريحات صحفية سابقة، أن متحف قناة السويس العالمي يسرد تاريخ قناة السويس، والذي يحظى بالعديد من المحطات التاريخية الهامة إضافة إلى أنه ركيزة أساسية للحفاظ على التاريخ والتراث البحري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى