ظهرت للنور من بين تلال الرمال علي ساحل شمال سيناء كنوز جديدة من “ملح البحر الطبيعي”، بعد أن نجح عدد من المستثمرين بمساعدة الدولة في سحب مياه البحر عبر قنوات لعدة كيلو مترات، وإطلاقها في أحواض تحيط بها الكثبان الرملية، لتمر عبر مراحل تجفيف تنتهي باستخراج خام الملح الطبيعي.
تجربة جديدة للاستثمار لأحد أهم ثروات سيناء الطبيعية وهو ملح البحر الطبيعى، ظهرت بعدد من المواقع علي ساحل قرية الروضة غرب العريش، وامتدت غربا علي طول ساحل البحر المتوسط بعدد من المناطق الساحلية.
مناجم الملح الجديدة علي ساحل قرية الروضة حولت المنطقة لمكان جاذب للاستثمار وفرص التشغيل للشباب، وعلى طول الممر المؤدي لمناطق إنتاج الملح المتفرع في اتجاه الشمال من الطريق الدولي الساحلي بمحاذاة قرية الروضة، تتسابق شاحنات نقل خام الملح في نقل المنتجات للمحافظات وميناء العريش للتصدير.
كما تنتشر اعداد من مصانع استقبال الخام وغسله وتجفيفه وتعبئته، وفي العمق بين كثبان الرمال احواض علي مساحات تتوزع خاصة بكل مشروع تنقل إليها مياه البحر عبر مجرى تنساب من خلاله المياه من بحيرة البردويل، لتصب في هـه الاحواض التي تتنقل بينها المياه علي مراحل تنتهي بالتجفيف وتكوين طبقات الملح الطبيعي بدون اي اضافات صناعية وكيماوية.
قال “علي سالمان اشتيوي” أحد شباب المستثمرين بمنطقة ملاحات الروضة والذي قام و 2 آخرين بإنشاء مشروع لإنتاج الملح “ان هذه الانجازات للمشروعات الرائدة في إنتاج ملح البحر الطبيعي، تمت بتسهيلات من الدولة التي تدعمهم وتذليل كافة العقبات أمامهم تشجيعا لجهود صغار المستثمرين”.
أضاف “اشتيوي”، ان تجربتهم في الاستثمار وإنتاج خام الملح ضمن تجارب نجحت في قرية الروضة وعددا بمناطق شمال سيناء الساحلية، وكل مستثمر يعمل وفق قدراته من حيث مساحة الأحواض وكميات الإنتاج المقررة، لافتا انهم استلموا الأرض عبارة عن كثبان رملية تتخللها مساحات منخفضة من أرض سبخة شديدة الملوحة، وانطلقت جهودهم لتسويتها وتحويلها لاحواض ثم عمل مجري لتغذيتها بالمياه.
وأشار إلى أنه يتم ضخ مياه البحر بهذه الأحواض عبر شريان مياه يصل طول لنحو من 3 إلى 4 كيلومترات يمتد من بحيرة البردويل مزود بكل منطقة احواض بمضخات سحب وطرد تعمل بالوقود، ويتم ضخ المياه في أحواض متتالية تتنقل عبرها المياه بنسبة ملوحة تزيد تباعا وعلى فترات، وصولا لحوض أخير فيه يتم جفاف المياه وتشربها وتبخرها ويظهر فيها خام الملح علي هيئة قشور ثم تتبلور ويتم تجميعها.
وتابع أن الملح المنتج بهذه الأحواض، يتم نقله ليمر بمراحل الغسيل، ثم التشوين والتجفيف تحت الشمس في أجواء طبيعية، ثم تعبئته في أكياس لنقله للمصانع المتخصصة، أو صب علي شاحنات لنقل للبواخر التي تصدره للخارج، لافتا أن الإنتاج يتوزع حسب احتياج كل مورد له ما بين ملح طبيعي يستخدم للطعام، وملح لصناعات أخرى منوعة، والملح المستخدم في اعمال الطرق.
تابع الحديث “علاء ابو الحسن” الذي يستثمر فى إنتاج وصناعة الملح منذ سنوات بقرية الروضة وورث المهنة في المكان عن والده، بقوله “ان المنتج الذي يحصلون عليه من ملاحات الروضة فائق الجودة، بشهادة المنتجين والمصدرين والمستوردين علي المستوى المحلي والعالمي، حيث يصل الإنتاج خارج مصر لعدد من الدول في مقدمتها جنوب أفريقيا واليونان”.
أضاف أن العمل في المكان شاق من أجل استخراج المنتج الذي ينافس بقوة في الأسواق، وهو ثمر جهد مستثمرين ومهندسين وفنيين وعمال وأهالى المنطقة، بدعم وتشجيع من كافة مؤسسات الدولة لهم للنجاح وتحقيق مزيد من الإنتاج، لافتا أنهم يقدمون منتج الملح المغسول الطبيعي الذى لا تدخل فيه لأى إضافات، وتستغرق فترة الإنتاج من الأحواض من 6 إلى 12 شهرا.
وقال إن مواقع ملاحات الروضة أصبحت جاذبة للاستثمار، وانتشرت بها الآن نحو 6 ملاحات خاص بكل ملاحة أحواض علي مساحات، وفيها يتم تشغيل وفتح باب رزق لما يصل لـ40 أسرة بكل موقع عمل، اضافه لما يحققه الإنتاج من فرص عمل بعد استخراجه حيث عمليات النقل والغسيل بالمصانع والتعبئة.
يذكر أن محافظة شمال سيناء سبق وأعلنت تخصيصها منطقة مخصصة للصناعات الملح بمنطقة الروضة ببئر العبد على مساحة 4,2 كم، وتنتشر الملاحات على ساحل مركز بئر العبد من قرية بالوظة غربا حتى قرية الميدان شرقا بطول 120 كيلو متر.
وقال اللواء دكتور عبد الفضيل محمد شوشة، محافظ شمال سيناء، أن إنتاج ملاحات شمال سيناء يتمتع بدرجة نقاوة عالية، حيث تمتلك المحافظة تميزا بيئيا وطبيعيا، إذ تتعرض شواطئها لسطوع الشمس على مدى العام، فضلا عن التربة الجيدة البعيدة تماما عن مصادر التلوث بكل أنواعه، لافتا إن المحافظة وضعت شروطا لتطوير الملاحات عند تأجيرها للشركات والمصانع التي تستغلها، من بينها عمل دراسات الجدوى بالاشتراك مع الهيئة المصرية العامة للمساحة الجيولوجية، والهيئة العامة للتصنيع بهدف إنتاج ملح طعام مطابق للمواصفات القياسية المصرية، وعمل التطوير اللازم للتوسعات في الصناعات المحتملة والتي تعتمد على إنتاج الملاحات.