الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال المقبلة، هو الهدف الرئيسى للاستيراتيجية الوطنية لاهداف التنمية المستدامة 2030، وتعمل عليها كافة الوزارات منها وزارة البيئة والرى والزراعة والتنمية المحلية، وهناك مصدر للاقتصاد القومى مرتبط بهذا الملف وهو الثروة السمكية وعلاقتها بنهر النيل وهى الحكاية التي لا تنتهى منذ قديم الازل .
خلال هذا التقرير نرصد الحكاية وسبل الحفاظ عليها وتميزها
ماهو نهر النيل؟
نهر النيل هو شريان الحياة والحضارة في مصر، و يعد أطول نهر في العالم حيث يصل طوله حوالي 6,650 كيلومترًا، كما يمتد عبر 11 دولة أفريقية بينها مصر وجنوب السودان وتنزانيا وأوغندا ورواندا و بوروندي والكونغو الديمقراطية و كينيا و إثيوبيا و إريتريا ، وينبع نهر النيل من بحيرة فيكتوريا وسط أفريقيا، يمر النيل لمسافة 1,100 كيلومتر ويتدفق شمالا عبر القارة السمراء مرورا بالدول ال11 ثم يصب في البحر المتوسط عبر مصر
صيد الأسماك والقدماء المصريين
الحضارة المصرية القديمة نشأت على ضفاف نهر النيل، واعتمد المصريون القدماء عليه فى جميع جوانب حياتهم، وصيد الأسماك من المهن التي اعتز بها قدماء المصريين، وابدعوا في طرق صيده ، طبقا للرسومات الفرعونية التي تناولها علماء الاثار ومن بين هذه الطرق وهى الصيد بالشص، وبالشبكة ، وبالسلال، وبالخطاف ، وبالنشالة كما قاموا بتمليحها طبقا لرسومات مقبرة ” تى” بسقارة من الأسرة الخامسة، وكان يعتبرونه في بعض الأحيان احدى اشكال الرياضة والتسلية، وهناك أيضا بعض أنواع السمك عند الفراعنة كانت لها حالة من القدسية ، تناولتها الأقاصيص الدينية المتوارثة، منها الكالانوم والبياض والبني لورودها، من ضمن مظاهر حماية قدماء المصرين للاسماك ونهر النيل تجنبهم الصيد خلال أيام انخفاض الماء في النيل للمحافظة عليه.
أنواع الأسماك بنهر النيل
نهر النيل مصدر هام للثروة السمكية في مصر، حيث اثبتت اخر الاحصائيات الصادرة عن هيئة الثروة السمكية ، أنه بلغ المصيد السمكى من نهر النيل حوالى 74.5 ألف طن من أسماك البلطى والقراميط وأسماك الحنشان والراية وأسماك المبروك بأنواعها الحشائش والفضى و العادى، وكذلك استاكوزا المياه العذبة وأسماك البياض، وأسماك الشيلان، وأسماك قشر البياض، وأسماك اللبيس، والبساريا، والعائلة البورية، والسحلية (الأنومة) ، وأسماك البنى، وبعض الأصناف الأخرى.
المحافظات الأكثر شهر في الصيد
هناك عدد من المحافظات المشهورة بالصيد وتعتبره مصدر رزق لاهاليها، حيث يعتبر نهر النيل مورد حيوي لأكثر من 100 مليون، في محافظة دمياط والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وكفر الشيخ ومحافظات شرق الدلتا ووغرب ووسط الدلتا، كالبحيرة والشرقية والقليوبية والغربية والمنوفية وبعض مدن خط الصعيد كبنى سويف والفيوم والمنيا واسوان واسيوط وسوهاج والمنيا والاقصر
أهمية نهر النيل كمورد طبيعى
اكدت وزارة البيئة والرى والزراعة في عدد من التصريحات على أهمية نهر النيل كمصدر للامن الغذائي ، وتعد قضية الامن الغذائي والمائى، هي احدى المحاور التي قد تتأثر بقضية التغيرات المناخية، وبات الحفاظ عليه مهمة قومية، بوضع حلول طبيعية للحفاظ على نهر النيل وإقامة المشروعات الخاصة بترشيد المياه وتبطين الترع ، والحفاظ على نهر النيل من الملوثات الصناعية ومنع القاء المخلفات فيه، واعتبر القانون الخاص بالبيئة 4 لسنة 94 وقانون المخلفات رقم 202 لسنة 2022 ان تلويث نهر النيل جريمة يعاقب عليها القانون وقد تصل للحبس.
التنوع البيولوجى والتغيرات المناخية تحديات
أكد مصدر بوزارة البيئة ان التلوث بمياه الصرف الصحي والصناعى مصادر لتلوث نهر النيل، وتؤثر على الأسماك وتهدد بقاءها، كما أن التغيرات المناخية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة وانخفاض منسوب المياه، تهديد الموائل الطبيعية للأسماك وتقلل أعدادها، كما أن الصيد الجائريهدد الثروة السمكية وخاصة انه يتم صيد الأسماك دون مراعاة لفترات التكاثر أو أحجام الأسماك المسموح بصيدها، الامر الذى يجعل بعض أنواع الأسماك مهددة بالانقراض، خاصة مع دخول بعض الأنواع الغريبة التي تنافس الأسماك المحلية في الغذاء والموائل الطبيعية لها الامر الذى يهدد التنوع البيولوجى للنهر.
جهود وطنية لحماية النهر
نهر النيل أيضا مرتبط ارتباط وثيق بأكبر قطاع في الاقتصاد المصرى وهو قطاع الزراعة، حيث تعتمد الزراعة في مصر بشكل كبير على مياه نهر النيل، لاكثر من 95% من الأراضي الزراعية ، وبذلت الدولة المصرية عدد من الجهود الوطنية لحماية الثروة السمكية منها تطبيق القوانين واللوائح المنظمة لعمليات الصيد، ومنع محاولات الصيد الجائر وحماية الثروة السمكية، إضافة الى إنشاء بعض المشاريع للاستزراع السمكي لزيادة الإنتاج وتقليل الضغط على الثروة السمكية في نهر النيل.
الوعى البيئي لحماية الموائل
أكدت وزارة البيئة في اخر تقرير لها صادر الشهر الماضى، انه من الجهود الوطنية أيضا ما تبذله وزارة البيئة فى نشر الوعي البيئي بين المواطنين لحثهم على حماية الثروة السمكية في نهر النيل باعتباره احد الموارد الطبيعية لهم وللاجيال المقبلة، ومواجهة اثار التغيرات المناخية على نهر النيل، لما يؤدي ارتفاع درجات الحرارة لزيادة معدلات التبخر من سطح النيل، الامر الذى بالتبعية قد يؤدى لانخفاض منسوب المياه، إضافة ان تغيرات هطول الأمطار، بسبب تغيرات المناخ قد تؤدى الى قلة كمية المياه المتدفقة، إضافة الى ان ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب هذه التغيرات المناخية أيضا و ربما يؤدى إلى غرق بعض أجزاء من دلتا نهر النيل، مما يهدد وجود بعض الأراضي الزراعية والمناطق السكنية.
مبادرات التكيف والتخفيف
ضمن جهود الدولة أيضا لحماية نهر النيل من بعض الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية من فيضانات او جفاف تم اتخاذ العديد من المبادرات للتكيف مع هذه التحديات البيئية، منها إدارة مصائد الأسماك بشكل مستدام، إضافة لدعم مشاريع الاستزراع السمكي، ونشر الوعي البيئي بين الصيادين، وحماية موائل الأسماك من التلوث والتدهور بإنشاء محميات طبيعية، إضافة لزراعة الأشجار على ضفاف النيل للمساعدة في حماية الأسماك من درجات الحرارة المرتفعة، وتشجيع المواطنين على استخدام الأسماك المستزرعة.
وأشار تقرير البيئة أيضا الى ان إدارة موارد المياه بشكل مستدام ومكافحة التغيرات المناخية، وتحسين كفاءة استخدام المياه في جميع القطاعات، وبناء السدود لتخزين مياه الأمطار، وتبادل الخبرات والتكنولوجيا مع الدول الأخرى التي تواجه تحديات مشابهة، ومكافحة التلوث بمعالجة مياه الصرف الصحي والمياه الصناعية قبل تصريفها في النيل، وكذلك تطبيق القوانين واللوائح المنظمة للتخلص من المخلفات.
الجميع مسئول
واكد مصدر بوزارة البيئة أيضا انه هناك بعض المبادرات لحماية نهر النيل والاسماك منها برنامج “أسماك النيل” لصندوق الجفاف والتكيف المناخي، والذى يهدف لدعم مشاريع الاستزراع السمكي في مصر ومساعدة صغار الصيادين على التكيف مع التغيرات المناخية، وكذلك مشروع “حماية التنوع البيولوجي في نهر النيل” للصندوق العالمي للحياة البرية، الذى يهدف ل حماية موائل الأسماك في نهر النيل من التلوث والتدهور.
أخيرا يعتمد مستقبل أسماك نهر النيل على استمرار كافة الجهود المبذولة من جميع الأطراف المعنية، سواء الحكومات، أوالمنظمات غير الحكومية، أوالقطاع الخاص، والمواطنين، للحفاظ على هذه الثروة الطبيعية الهامة، وتحسين جودة الأسماك، لزيادة الإنتاج السمكي في نهر النيل وخلق فرص عمل جديدة في قطاع الثروة السمكية، والحفاظ على التنوع البيولوجي في نهر النيل لضمان استدامتها للأجيال القادمة.