ورد إلى دار الإفتاء سؤال نصة هل يجوز قراءة القرآن بدون وضوء؟.
اجابت دار الإفتاء «لا مانع شرعًا من قراءة القرآن بغير وضوءٍ مع عدم مس المصحف؛ عملًا بقوله تعالى»: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79].
وأوضحت دار الإفتاء، فضل قراءة القرآن الكريم من المصحف الشريف كما يلي:
قراءة القرآن الكريم وتلاوته عبادةٌ من أفضل العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى؛ لما رُوي عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أفْضَلُ العِبادَةِ قِراءةُ القُرآنِ» رواه أبو نعيم في “فضائل القرآن”، وأورده الإمام السيوطي في “الجامع”، ورواه الديلمي في “مسند الفردوس”.
قال الإمام المناوي في “التيسير بشرح الجامع الصغير” (1/ 186، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(أفضل العبادة قراءة القرآن)؛ لأن القارئ يُنَاجِي ربه، ولأنه أصلُ العلوم وأُمُّها وأهمها؛ فالاشتغال بقراءته أفضل من الاشتغال بجميع الأذكار إلا ما ورد فيه شيءٌ مخصوصٌ؛ ومن ثَمَّ قال الشافعية: تلاوة القرآن أفضل الذكر العام] اهـ.
وقراءة القرآن بالنظر في المصحف لها فضل عظيم؛ وذلك لأن الأجر فيها مضاعف؛ لما فيها من مداومة النظر في المصحف الكريم، وحمله، ومسه؛ ممَّا يظهر منه أن فيها استعمال أكثر من جارحة؛ وهذا أرفع درجةً، بالإضافة إلى أنها تُمَكِّنُ القارئ من التفكر فيه، واستنباط معانيه، والاعتبار عند عجائبه، وعلى هذا تواردت الأخبار والآثار؛ فقد روي عن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الْمُصْحَفِ أَلْفُ دَرَجَةٍ، وَقِرَاءَتُهُ فِي الْمُصْحَفِ تُضَعَّفُ عَلَى ذَلِكَ أَلْفَيْ دَرَجَةٍ» رواه الإمام البيهقي في “شعب الإيمان”.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَعْطُوا أَعْيُنَكُمْ حَظَّهَا مِنَ الْعِبَادَةِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، مَا حَظُّهَا مِنَ الْعِبَادَةِ؟ قَالَ: «النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ، والِاعْتِبَارُ عِنْدَ عَجَائِبِهِ» رواه البيهقي أيضًا في “شعب الايمان”.
وقد صرَّح كثير من العلماء بأنَّ قراءة القرآن الكريم من المصحف نفسها عبادة مستقلة، كما أنَّ قراءة القرآن عبادة؛ فتكون قراءته من المصحف عبادة مُنْضَمةً إلى عبادة، وانضمام العبادة إلى العبادة يوجب زيادة الأجر، إذ فيه زيادة في العمل من النظر في المصحف، والقاعدة: أن ما كان أكثر فعلًا كان أكثر فضلًا؛ ينظر: “الأشباه والنظائر” للإمام السيوطي (ص: 143، ط. دار الكتب العلمية)؛ ولذا صرح العلماء بتفضيل القراءة بالنظر في المصحف؛ قال الإمام ابن كثير في “تفسيره” (1/ 68، ط. دار المعرفة): [الذي صرح به كثير من العلماء: أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ قراءة القرآن من المصحف لها فضل عظيم، وذلك لأن الأجر فيها مضاعف؛ لما فيها من مداومة النظر في المصحف الكريم، وحمله، ومسه؛ ممَّا يظهر منه أن فيها استعمال أكثر من جارحة؛ وهذا أرفع درجةً، بالإضافة إلى أنها تُمَكِّنُ القارئ من التفكر فيه، واستنباط معانيه، والاعتبار عند عجائبه، ولا يخفى ما في هذا كله من الفضل.