واجهت الدولة المصرية خلال العشر سنوات الماضية تحديات كبيرة على حدودها المشتركة فى ظل محاولات أطراف خارجية العبث بأمن واستقرار الإقليم إلا أن يقظة مؤسسات الدولة المصرية قد نجحت فى التصدى لمؤامرات خبيثة عملت على زعزعة الأمن الإقليمي.
ورغم احتدام الصراعات فى دول الجوار المصرى إلا أن القيادة السياسية والمؤسسات المعنية عملت على التصدى بكل قوة وحزم لأية محاولات لزعزعة الأمن القومى المصرى، وذلك بتأمين الجبهة الداخلية بالتوازى مع العمل على الدفع نحو إرساء الأمن والاستقرار فى دول الجوار.
دعم ليبيا فى حربها ضد الإرهاب
ومع انتشار الجماعات الإرهابية والمتطرفة فى ليبيا عقب أحداث 17 فبراير 2011، تحركت الدولة المصرية بشكل مكثف لتقديم كافة سبل الدعم للأشقاء فى ليبيا للتصدى لجماعات التطرف والظلام التى استخدمت التفجيرات والاغتيالات فى تصفية الشخصيات الوطنية الليبية خاصة العسكريين والشرطيين.
ومع احتدام المواجهات المسلحة فى مدن الشرق الليبى، عملت القوات المسلحة المصرية والمؤسسات المعنية على تكثيف تحركاتها فى القطاع الغربى وتحديدا الحدود مع ليبيا من خلال تكثيف الدوريات العسكرية وعمليات التمشيط والتأمين، واستهداف أوكار العصابات التكفيرية وجماعات الهجرة غير الشرعية.
ومنذ اليوم الأول لحرب ليبيا على الإرهاب أكدت مصر دعمها للجيش الوطنى الليبى وعملية الكرامة التى نجحت فى استئصال الإرهاب والتطرف من مدن المنطقة الشرقية، ودفع نحو إرساء الأمن والاستقرار وصولا إلى مرحلة البناء والتعمير فى المدن الليبية التى عانت من انتشار الإرهاب والتطرف.
دعم مؤسسات الدولة الليبية
وأكدت الدولة المصرية فى عدة مناسبات على ضرورة دعم المؤسسات الوطنية فى الدول المجاورة لها، وذلك فى إطار حرصها على إرساء الأمن والاستقرار فى دول الجوار، وهو ما سيكون لها انعكاسات إيجابية على الأمن القومى المصري.
ونجحت جهود المشير خليفة حفتر فى إعادة بناء جيش ليبى قادرا على مواجهات جماعات التطرف والإرهاب، ونجحت جهود القوات المسلحة الليبية فى تحرير مدن بنغازى ودرنة من قبضة الجماعات المتطرفة التى تسببت فى حالة من الفزع والخوف داخل قلوب الليبيين لسنوات عدة.
اجتماعات المسار الدستورى
وفى إطار تحركاتها السياسية والدبلوماسية الداعمة لأبناء الشعب الليبى، استضافت القاهرة عدة اجتماعات المسار الدستورى الليبي بين مجلسى النواب والأعلى للدولة، وذلك بهدف التوصل إلى قوانين انتخابات رئاسية وتشريعية يتم بموجبها تنظيم العملية الانتخابية فى ليبيا، وذلك بحضور بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا التى أثنت على الجهود المصرية.
واتفق أعضاء مجلسى النواب والأعلى للدولة الليبيين خلال اجتماعاتهما فى القاهرة على الخطوط الرئيسية للإطار الدستورى اللازم لإجراء الانتخابات، وذلك بعد سلسلة اجتماعات مطولة استضافتها العاصمة المصرية حيث تم تهيئة المناخ اللازم للاجتماعات بين الفرقاء الليبيين.
اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة
يعد المسار العسكرى أحد أبرز مسارات الحل فى ليبيا وهو قاطرة الحل السياسى فى البلاد، لذا عملت مصر خلال السنوات الماضية على دعم جهود الأطراف الليبية لتوحيد الجيش الوطنى الليبى والمؤسسات الأمنية، واستضافت القاهرة عدة اجتماعات للجنة “5+5” بين العسكريين الليبيين للاتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية.
دعت مصر فى عدة مناسبات إلى ضرورة تفعيل قرارات مجلس الأمن الداعية لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من الأرضى الليبية فى أقرب وقت ممكن، والدفع نحو توحيد صفوف الليبيين والتصدى للتدخلات الخارجية التى أدت للوقيعة بين الأشقاء خلال الأعوام الماضية.
دعم لا محدود للأشقاء فى السودان
استراتيجية الدولة المصرية تجاه السودان لم تختلف كثيرا عن الوضع فى ليبيا حيث عملت على دعم تطلعات الشعب السودانى الذى أسقط نظام الرئيس السابق عمر البشير، ورفضت القاهرة التدخل فى الشؤون الداخلية للسودان فى ظل حالة عدم الاستقرار التى شهدتها البلاد، ما شجع أطراف خارجية على محاولة فرض أجندات مشبوهة داخل السودان.
ومع اندلاع النزاع المسلح فى السودان قبل حوالى عام، كثفت الدولة المصرية من تحركاتها الداعمة للقوات المسلحة السودانية ضد أى كيان غير نظامى، واستضافت مصر عشرات الاجتماعات للقوى السياسية السودانية بهدف تقريب وجهات النظر، بالإضافة لاستضافة مصر فى يوليو الماضى، مؤتمر دول جوار السودان، فى محاولة لإنهاء الحرب، وأكد البيان الختامى للاجتماع على ضرورة “الاحترام الكامل لسيادة السودان ووحدة أراضيه وعدم التدخل فى شؤونه الداخلية”.
وفى ضوء حالة عدم الاستقرار السياسى والأمنى والعسكرى فى دول الجوار وتحديدا ليبيا والسودان، فتحت مصر أبوابها لاستقبال الأشقاء الفارين من البلدين فى ظل احتدام المواجهات المسلحة بين الجيش السودانى والمتمردين من ناحية أو مع المواجهات العنيفة للجيش الليبى مع الجماعات المتطرفة شرقى البلاد.