
في أوقات الأزمات، تُختبر مواقف الدول، ويصبح الصمت أحيانًا أبلغ من الكلام، لكن حين تُفرض المواجهة، لا بد من وضوح الرؤية وقوة الرد. في هذا السياق، جاءت تصريحات الإعلامي عمرو أديب، التي أثارت جدلًا واسعًا، حين أكد أن مصر لا تدق طبول الحرب، لكنها جاهزة إن فُرضت عليها المواجهة.
قراءة في المشهد الراهن
تصاعد التوترات في المنطقة ليس بالأمر الجديد، لكنه بلغ مستويات تنذر بالخطر، سواء على الجبهات التقليدية أو في ساحات جديدة غير متوقعة. من التوترات الإقليمية مع إثيوبيا حول سد النهضة، إلى المشهد المعقد في غزة، وصولًا إلى التهديدات المتزايدة في البحر الأحمر، أصبحت التحديات متعددة الأوجه.
عمرو أديب، الذي طالما عرف بقدرته على التقاط نبض الشارع، لم يكن يتحدث من فراغ، بل من قراءة دقيقة لمجريات الأحداث. مصر، بتاريخها العسكري والدبلوماسي، لا تلجأ إلى التصعيد إلا إذا كان هو الخيار الأخير. لكن في الوقت نفسه، لا يمكنها أن تتجاهل التحولات الكبرى التي تفرضها المعادلات الإقليمية.
لماذا الآن؟ ولماذا بهذه النبرة؟
في حديثه، شدد أديب على أن مصر ليست دولة تسعى للحرب، لكنها تملك من القوة ما يجعلها قادرة على حماية مصالحها. وهنا، لا بد من طرح سؤال جوهري: لماذا هذا التصريح الآن؟ ولماذا بهذه النبرة؟
الإجابة تكمن في تزايد المؤشرات على أن بعض الأطراف الإقليمية تحاول اختبار قدرة مصر على ضبط النفس. من التحرش البحري في البحر الأحمر، إلى التصعيد الإسرائيلي في غزة، وصولًا إلى تحركات إثيوبيا، كلها عوامل تفرض على الدولة المصرية أن تكون في حالة استعداد دائم.
ما لم يُنشر من قبل… كواليس التحذير المصري
بحسب مصادر مطلعة، فإن هناك رسائل غير معلنة تم توجيهها إلى عدة أطراف دولية وإقليمية، تؤكد أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تجاوزت الأمور الخطوط الحمراء. وهذه الرسائل لم تكن مجرد تصريحات إعلامية، بل تزامنت مع تحركات عسكرية واستخباراتية على أكثر من محور.
في البحر الأحمر، رُصدت زيادة في وتيرة الدوريات البحرية المصرية، مع تفعيل مستويات استعداد غير مسبوقة.
على الجبهة الغربية، وُضعت القوات في حالة تأهب تحسبًا لأي تحركات غير محسوبة في العمق الليبي.
على الحدود الجنوبية، رُفعت درجة المراقبة الجوية مع زيادة التنسيق الاستخباراتي مع بعض الحلفاء.
هذه الإجراءات لم تُعلن رسميًا، لكنها وصلت إلى من يهمه الأمر، وهو ما يفسر تراجع بعض الأطراف عن خطوات كانت على وشك التنفيذ.
الرسالة واضحة… مصر لا تُهدد، لكنها أيضًا لا تتراجع
الدرس الذي تعلمه العالم من التاريخ المصري واضح: حين تقرر القاهرة أن تضع حدًا لأمرٍ ما، فإنها تفعل ذلك بحسم، لكن بعد استنفاد كل الخيارات الدبلوماسية. وهذا ما يجعل تصريحات عمرو أديب ليست مجرد حديث إعلامي، بل انعكاسًا لموقف استراتيجي راسخ.
نحن لا ندق طبول الحرب، ولكن إذا اقتربت، فنحن لها.