يشتعل الجدل في الأوساط الطبية والقانونية بعد طرح مجلس النواب مشروع قانون ينص على حبس الأطباء احتياطياً حال وقوع خطأ طبي، حتى انتهاء التحقيق واستجواب المريض أو ذويه. وبينما تسوّق الحكومة هذا القانون كإجراء يهدف لحماية حقوق المرضى وتحقيق العدالة، يرى الأطباء فيه تهديداً مباشراً لمهنتهم وكرامتهم.
رؤية المؤيدين: حماية المرضى أولاً
المؤيدون للقانون يعتبرونه وسيلة لضبط الأداء الطبي، في ظل تصاعد شكاوى المواطنين من الأخطاء الطبية. من وجهة نظرهم، القانون يعزز من شعور الأطباء بالمسؤولية، ويدفعهم لتوخي أقصى درجات الحذر أثناء أداء عملهم. يقول أحد المشرّعين الداعمين: “الحياة البشرية ليست قابلة للتعويض، ومن حق كل مواطن أن يلقى رعاية طبية آمنة وعادلة”.
الأطباء في مرمى النيران
على الجانب الآخر، أثار القانون حالة من الغضب في صفوف الأطباء، الذين اعتبروه إهانة لمهنتهم النبيلة. تقول د. منى أحمد، استشارية الجراحة العامة: “لا أحد ينكر أهمية محاسبة المقصرين، لكن تحويل أي خطأ طبي إلى قضية جنائية هو تجريم غير مبرر لمهنة تُبنى على التضحية والعمل في ظروف قاسية”.
نقيب الأطباء، في بيان رسمي، حذر من أن هذا القانون قد يدفع الأطباء إلى التوقف عن إجراء التدخلات الطبية المعقدة خوفاً من الوقوع تحت طائلة القانون، ما قد يؤدي إلى تراجع مستوى الخدمات الصحية بشكل عام.
الهجرة: الخطر الأكبر
يشير مراقبون إلى أن القانون قد يعجل بهجرة الأطباء، خاصة في ظل التحديات التي يواجهونها من ضغوط العمل وضعف الرواتب. د. سامي شرف، طبيب يعمل في الخارج، يقول: “قوانين كهذه تجعل مناخ العمل الطبي في مصر غير آمن. الأطباء لديهم فرص أفضل في دول تقدر دورهم وتوفر لهم حماية قانونية عادلة”.
الحل بين يديّ الجميع
من الناحية القانونية، يرى خبراء أن تطبيق الحبس الاحتياطي للأطباء دون آليات تقييم محايدة قد يكون انحرافاً عن العدالة. يقترح البعض تشكيل لجان متخصصة تضم أطباء وقانونيين للتحقيق في الأخطاء