
في أعقاب إعلان الحكومة عن زيادة جديدة في أسعار البنزين، شهد مجلس النواب المصري أول تحرك برلماني رسمي وسريع، تمثل في سلسلة من طلبات الإحاطة العاجلة والمداخلات النارية التي هاجمت القرار واعتبرته “غير مسؤول” في توقيت “غاية في الحساسية”، خاصة مع استمرار موجة الغلاء التي تطحن المواطن منذ شهور.
قرار مفاجئ وتأثير مضاعف
جاء القرار الحكومي برفع أسعار البنزين بواقع 75 قرشًا للتر الواحد، ليصل سعر بنزين 80 إلى 10 جنيهات، وبنزين 92 إلى 11.50 جنيه، وبنزين 95 إلى 12.50 جنيه، مما أثار صدمة في الأوساط الشعبية والبرلمانية، حيث اعتبر النواب أن القرار سيؤدي إلى موجة جديدة من الزيادات في أسعار النقل والسلع والخدمات الأساسية.
وقال النائب أحمد صلاح، عضو لجنة الخطة والموازنة، في تصريح تحت قبة البرلمان: المواطن لم يعد يتحمل أي زيادة، والقرار بهذا الشكل ودون إجراءات حماية موازية يعتبر تجاهلًا صارخًا للواقع المعيشي
طالب عدد من النواب بعقد جلسة طارئة واستدعاء وزراء البترول والمالية والتضامن، لمساءلتهم حول:
أسباب اختيار توقيت الزيادة.
مدى تقييم الحكومة لتأثير القرار على محدودي الدخل.
وجود أو غياب خطة لتعويض المواطن عن هذا العبء الجديد.
وأكدت النائبة منى الجوهري أن القرار “جاء في وقت كارثي، مع دخول شهر رمضان وزيادة الاستهلاك، وتراجع القدرة الشرائية”، مضيفة:
“البرلمان لا يمكن أن يقف موقف المتفرج، وسنتحرك بكل أدواتنا الرقابية.”
الحكومة ترد بآلية التسعير العالمي
ردّت الحكومة على الانتقادات بتأكيد أن الزيادة جاءت وفق آلية التسعير التلقائي التي تعتمد على سعر النفط العالمي وسعر صرف الجنيه.
وأشار بيان وزارة البترول إلى أن “الدولة لا تزال تتحمل جزءًا من التكلفة الفعلية للمنتجات البترولية، وأن استمرار الدعم الكامل لم يعد ممكنًا في ظل الوضع الاقتصادي الحالي”.
لكن النواب رفضوا هذا التبرير، واعتبروه “تكرارًا لخطاب تقني منفصل عن الواقع”، بحسب النائب محمود عبد القادر، الذي تساءل:
“أين المواطن من حساباتكم؟ ولماذا لا يُربط أي تعديل للأسعار بخطة موازية للدعم النقدي أو ضبط السوق؟”
تحذيرات من انفجار الأسعار
حذر عدد من أعضاء البرلمان من أن القرار سيتبعه ارتفاع مباشر في أسعار المواصلات، خاصة الأجرة الداخلية بين المحافظات، فضلًا عن زيادة تكلفة نقل السلع، وهو ما سينعكس على أسعار الغذاء بشكل مباشر.
وطالب النواب بتفعيل دور الأجهزة الرقابية فورًا، وضبط أي زيادات عشوائية في الأسعار، وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية لتشمل شرائح جديدة من المواطنين، مع صرف دعم استثنائي خلال الأشهر المقبلة.
خاتمة: صدام قادم أم تصحيح مسار؟
التحرك البرلماني الذي أعقب قرار زيادة أسعار البنزين يمثل رسالة واضحة بأن المجلس لن يصمت أمام إجراءات تمس حياة المواطنين اليومية دون بدائل.
الكرة الآن في ملعب الحكومة، فإما أن تستجيب وتراجع السياسات المطبقة أو تواجه مواجهة مفتوحة داخل البرلمان، وربما في الشارع