
على هامش مشاركته في أعمال الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب، التي تُعقد حالياً في العاصمة التونسية، وجه اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، العديد من الرسائل الأمنية الحاسمة، حيث جاءت كلماته محملة بآمالٍ كبيرة في تعزيز التعاون العربي وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة.
وفي كلمته الافتتاحية أمام المجلس، نقل اللواء توفيق تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، متمنياً للمجلس التوفيق والنجاح في تحقيق أهدافه.
كما خص بالشكر الرئيس التونسي قيس سعيد، والحكومة والشعب التونسي الشقيق على حسن الاستقبال، معبراً عن تطلعه لمستقبل مشرق للجمهورية التونسية
الرسائل الأمنية
قال إن اجتماعنا هذا يأتي في وقت بالغ الصعوبة، وسط عالم يتسارع فيه التوتر والصراعات”، هكذا بدأ الوزير كلمته، ليوضح أن التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة تتطلب تعزيز التعاون العربي وتطوير آفاق التكامل بين الدول الشقيقة.
وأضاف أن الأمن العربي لا يزال في مفترق طرق، مشيراً إلى ضرورة توحيد الرؤى والمواقف للتصدي للأزمات المتلاحقة التي تهدد استقرار المنطقة.
وأكد اللواء توفيق أن مصر ترفض أي مسعى يمس بالقضية الفلسطينية، وتدعو إلى الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه التاريخية.
وتابع: هذه الرسالة تأتي متسقة مع الثوابت السياسية المصرية التي تلتزم بالحفاظ على السيادة الوطنية ومكافحة أي مخططات خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي.
الإرهاب.. آفة عابرة للحدود
ركز اللواء محمود توفيق في كلمته على أبرز التحديات الأمنية التي تواجه الدول العربية، وعلى رأسها الإرهاب، وقال: “لا تزال آفة الإرهاب تشكل التهديد الأكبر، حيث تسعى التنظيمات الإرهابية لاستغلال الأوضاع الأمنية المتردية في بعض المناطق لإعادة تموضعها”.
وأضاف أن هذه التنظيمات تستمر في استغلال التقنيات الحديثة لنشر الفكر المتطرف، من خلال ما يُعرف بـ”الذئاب المنفردة”، التي تقوم بتنفيذ أعمال العنف والتخريب في مختلف أنحاء العالم العربي.
وفي هذا السياق، شدد الوزير على أهمية تعزيز التعاون الأمني العربي بشكل مشترك، سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف، من أجل الرصد الاستباقي والتصدي لهذه التنظيمات.
الجريمة المنظمة.. تهديدات غير مرئية
كما تناول الوزير في كلمته، تصاعد مخاطر الجريمة المنظمة عبر الوطنية، والتي تتخذ أشكالاً متعددة، مثل تهريب المخدرات والأسلحة والهجرة غير الشرعية.
وقال اللواء توفيق إن هذه الأنشطة الإجرامية أصبحت تشكل تهديداً كبيراً على الأمن القومي العربي، داعياً إلى تعزيز التعاون بين الدول العربية لمكافحة هذه الظواهر.
في إطار هذا التحدي، أشار الوزير إلى الجهود التي تبذلها مصر في محاربة المخدرات والأسلحة غير المرخصة، مؤكداً على أهمية المركز المصري الدولي للتدريب في مجال مكافحة المخدرات، الذي أصبح نقطة انطلاق لتبادل الخبرات بين الدول العربية.
التكنولوجيا سلاح ذو حدين
ومع التطورات الهائلة في تكنولوجيا المعلومات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أبرز اللواء توفيق تحديات جديدة على الساحة الأمنية، خاصة في مجال الجريمة الإلكترونية، فمع تصاعد جرائم القرصنة، والاحتيال الإلكتروني، وغسل الأموال، أصبح من الضروري تبني تقنيات حديثة للتصدي لهذه الجرائم.
وأشار الوزير إلى إنشاء مركز العمليات الأمنية في وزارة الداخلية المصرية، الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لدعم اتخاذ القرار الأمني ومواكبة التطور السريع في أساليب الجريمة. كما دعا إلى تبادل الخبرات بين الأجهزة الأمنية في الدول العربية لمواجهة هذا التحدي الجديد.
حقوق الإنسان تجربة مصرية رائدة فى الإصلاح
على صعيد آخر، أكد وزير الداخلية أن الوزارة حريصة على تطبيق معايير حقوق الإنسان وفقاً لأعلى المعايير الدولية. وأوضح أن تجربة مصر في تطبيق العدالة الإصلاحية قد أصبحت نموذجاً يُحتذى به في مجال تحويل المؤسسات العقابية إلى مراكز للإصلاح والتأهيل، وهو ما لاقى إشادة من المنظمات الدولية المعنية.
كما ذكر أن الوزارة استضافت العديد من المؤتمرات وورش العمل في مجال حقوق الإنسان، وكان آخرها المؤتمر الحادي عشر للمسؤولين عن حقوق الإنسان في سبتمبر المقبل.
التعاون العربي.. جسور من الأمل بين الشعوب
على هامش الاجتماع، عقد وزير الداخلية عدداً من اللقاءات الثنائية مع وزراء داخلية دول عربية شقيقة، حيث تم مناقشة سبل تعزيز التعاون الأمني بين الدول العربية في مواجهة التحديات المشتركة.
وأكد اللواء توفيق أن مصر عازمة على مد جسور التعاون وتبادل الخبرات مع كافة الأجهزة الأمنية في الدول العربية، وأن التنسيق المشترك هو السبيل الأنجع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. كما شدد الوزير على أن وحدة الصف العربي والتعاون المستمر بين الدول الشقيقة يعدان خط الدفاع الأول ضد التحديات الأمنية التي تتزايد يوماً بعد يوم.
رؤية مشتركة نحو مستقبل آمن
إن التحديات التي نواجهها تتطلب منا جميعاً أن نكون يداً واحدة”، هكذا اختتم اللواء محمود توفيق كلمته، وأضاف أن الجهود المشتركة هي السبيل الوحيد لتأكيد سيادة الدول العربية والحفاظ على أمنها واستقرارها، معبراً عن إيمانه الكامل بأن التعاون العربي هو المفتاح لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.