عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: بناء الإنسان.. حماية للوطن

في مشهد علمي مشرف يجمع بين الفكر والأمن والوطنية، نظّمت أكاديمية الشرطة مؤتمرها العلمي تحت عنوان “مفردات بناء الشخصية المصرية ودورها في حماية الوطن”، في حدث وطني وثقافي بالغ الأهمية، جمع تحت سقفه نخبة من المفكرين، العلماء، ورموز العمل الأمني، لمناقشة القضايا الجوهرية المرتبطة بتكوين شخصية المصري في العصر الحديث، وتحديد الأطر الفكرية والتربوية والنفسية لصناعة المواطن ورجل الأمن الذي تتطلبه تحديات الحاضر.

 

رجل شرطة عصري.. رؤية وزارة الداخلية

في كلمته الافتتاحية، أكد اللواء دكتور أحمد إبراهيم، مساعد وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة، أن وزارة الداخلية لم تعد تكتفي بالمفهوم التقليدي لرجل الشرطة، بل تسعى إلى “إعداد رجل شرطة عصري”، يمتلك أدوات التكنولوجيا والمعرفة، ويؤمن بقيم المواطنة، ويحترم الحقوق، ويُدرّب على فهم أعمق للسياق الاجتماعي والثقافي الذي يعمل داخله.

وشدد على أن الأكاديمية أصبحت حاضنة لفكر أمني معاصر، يتكامل مع مؤسسات الدولة المختلفة في مشروع بناء الإنسان المصري، ويضع في مقدمة أولوياته الحفاظ على الهوية، والتصدي للأفكار المتطرفة، والإسهام في بناء وعي جمعي مستنير.

 

وزير الأوقاف: المصري بطبعه محب للبناء

وفي طرح مميز يربط بين الجذور الثقافية والواقع الوطني، تحدث الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، قائلاً إن الإنسان المصري بطبيعته “شغوف بالعمران”، وصاحب حضارة ضاربة في عمق التاريخ، وهو ما يتطلب الحفاظ على هذه الروح عبر خطاب ديني رشيد، يعلي من شأن الوطن، ويربط بين الإيمان والعمل، وبين العبادة والإنتاج.

وأشار الوزير إلى أن بناء الشخصية المصرية هو عمل وطني وديني في آنٍ واحد، يبدأ من التربية، ويُستكمل في التعليم، وينضج عبر التجربة والمشاركة المجتمعية.

 

الذكاء الاصطناعي.. شريك في الأمن

من أبرز ما ناقشه المؤتمر هو أهمية إدماج الذكاء الاصطناعي في المنظومة الأمنية والتعليمية داخل الأكاديمية. حيث شدد عدد من الأكاديميين على أن التحديات الأمنية الجديدة تتطلب أدوات غير تقليدية، أبرزها أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي يمكنها رصد التهديدات وتحليلها، واتخاذ قرارات استباقية، وهو ما أصبح ضرورة وليس رفاهية.

وأكد الحضور أن رجل الشرطة العصري يجب أن يكون ملمًا بتقنيات التحول الرقمي، ولديه القدرة على التعامل مع الأدوات التكنولوجية بنفس كفاءته في الميدان.

 

جلسات نقاش معمّقة وتوصيات مدروسة

تضمنت فعاليات المؤتمر جلسات نقاشية رفيعة المستوى، ناقشت موضوعات محورية مثل:

“أثر الهوية الثقافية على بناء الوعي الوطني”

“مخاطر تفكيك الشخصية في ظل الغزو الإلكتروني”

“دور الإعلام التوعوي في دعم الاستقرار”

“مفاهيم الانتماء والتضحية لدى رجل الأمن”

وخرجت الجلسات بعدد من التوصيات المهمة، أبرزها:

1. تضمين مفاهيم بناء الشخصية في مناهج إعداد رجال الشرطة.

2. التعاون المؤسسي مع وزارات التعليم والأوقاف والثقافة لتنسيق الجهود الوطنية.

3. إنشاء وحدة بحثية داخل الأكاديمية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في التدريب الأمني.

4. تدشين برامج توعوية مشتركة بين الإعلام والمؤسسات الأمنية لتعزيز الوعي المجتمعي.

 

أكاديمية تتقدم للمستقبل

المؤتمر كشف عن أن أكاديمية الشرطة لا تعيش في جلباب الماضي، بل تقود تحركًا فكريًا متطورًا لبناء الإنسان المصري، رجل الأمن والمواطن على حد سواء، في عصر تتشابك فيه المخاطر وتتعقد فيه أدوات المواجهة.

إنها ليست فقط أكاديمية أمنية، بل أكاديمية للوطن، تفكر في مستقبل المصري، وتؤسس لشرطي يحمل عقل العالم وقلب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى