عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: انتهاك الخصوصية.. جريمة لا تسقط بالتقادم

في ظل الثورة التكنولوجية والتوسع الرقمي، أصبح انتهاك حرمة الحياة الخاصة خطرًا يُهدد الجميع، فلم تعد الخصوصية مجرد حق، بل باتت معركة يومية يخوضها الأفراد ضد المتطفلين والمجرمين الإلكترونيين.

 

ومع تزايد حالات التصوير غير المشروع، والتجسس، ونشر البيانات الشخصية دون إذن، جاء القانون ليضع حدًا لهذه الجرائم بعقوبات رادعة تصل إلى السجن المشدد وغرامات باهظة.

 

جريمة الاعتداء على الخصوصية.. لا مبرر ولا تساهل

 

لا يُمكن التذرع بأي مبررات لتبرير انتهاك الحياة الخاصة، فالقانون المصري وضع نصوصًا صارمة تعاقب مرتكبي هذه الجرائم، بغض النظر عن وسيلة التنفيذ أو النية.

 

ويشمل ذلك التجسس، التنصت، التسجيل غير المشروع، نشر الصور أو الفيديوهات الخاصة، وحتى مجرد الحصول على معلومات شخصية دون إذن.

 

النصوص القانونية والعقوبات المغلظة

 

وفقًا للمادة 309 مكرر من قانون العقوبات المصري، فإن:

 

التنصت أو تسجيل المحادثات دون إذن يعاقب عليه بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة تصل إلى 50 ألف جنيه.

 

تصوير الأشخاص في أماكن خاصة دون موافقتهم يؤدي إلى الحبس لمدة سنة على الأقل، وغرامة قد تصل إلى 100 ألف جنيه.

 

نشر صور أو تسجيلات شخصية بهدف التشهير أو الابتزاز يُعد جريمة جسيمة، ويعاقب عليها بالسجن لمدة قد تصل إلى 3 سنوات وغرامة تصل إلى 300 ألف جنيه.

 

نشر معلومات أو بيانات شخصية دون إذن صاحبها يُعرض مرتكبه للسجن المشدد والغرامة المالية الكبيرة، خاصة إذا أدى النشر إلى ضرر بالغ للضحية.

 

وسائل التواصل الاجتماعي.. منصات تحولت إلى أدوات للجريمة

 

لم يعد الاعتداء على الخصوصية مقتصرًا على التجسس المباشر، بل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحات مفتوحة لنشر الفضائح، والتشهير، والابتزاز. ووفقًا لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، فإن أي شخص يستخدم الإنترنت لنشر صور أو معلومات شخصية دون موافقة أصحابها، يواجه عقوبات تصل إلى السجن 5 سنوات وغرامة 500 ألف جنيه.

 

الردع القانوني.. لا استثناءات لأحد

 

سواء كان الفاعل فردًا عاديًا، أو صحفيًا، أو حتى موظفًا في جهة رسمية، فإن القانون لا يميز بين الجناة، ولا يُعفي أحدًا من العقوبة بحجة “النية الحسنة” أو “الدوافع الأخلاقية”. فالمساس بالحياة الخاصة يُعد جريمة مكتملة الأركان، لا يُقبل فيها العذر ولا يُسمح بالتساهل.

 

كيف تحمي نفسك؟

 

لا تُشارك بياناتك الشخصية مع جهات غير موثوقة.

 

لا تفتح روابط مشبوهة قد تؤدي إلى اختراق هاتفك أو حساباتك.

 

أبلغ فورًا عن أي محاولة لابتزازك أو انتهاك خصوصيتك.

 

تجنب الموافقة على التسجيلات أو التصوير في أي موقف غير آمن.

 

في عصر المعلومات، أصبحت الخصوصية أكثر هشاشة من أي وقت مضى، لكن القانون يظل الدرع الحصين الذي يحمي الأفراد من أي انتهاك. وبتطبيق العقوبات الرادعة، يصبح انتهاك الخصوصية جريمة لا تُغتفر، ولا مجال فيها للتفاوض أو التسامح. فالحياة الخاصة ليست سلعة متاحة للجميع، بل هي حق مُقدس يجب أن يُحترم دون قيد أو شرط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى