
في خطوة قانونية غير مسبوقة، أعلنت النيابة الإدارية عن تحقيق طفرة تشريعية تاريخية في مواجهة جريمة ختان الإناث بمصر، مؤكدة أنها جريمة مكتملة الأركان لا تسقط بالتقادم، وأن الدولة ماضية بكل حزم في اجتثاث هذه العادة المتجذرة من جذور المجتمع المصري.
وأكدت النيابة أن العقوبات الصارمة باتت سيفًا مسلطًا على رقاب مرتكبي هذه الجريمة، سواء كانوا أطباء، ممارسين غير مرخصين، أو حتى أولياء أمور متواطئين مع الجناة.
التشريع المصري في مواجهة الجريمة.. تطور غير مسبوق
شهدت السنوات الأخيرة تحركات تشريعية صارمة لمحاربة هذه الجريمة، حيث تم تعديل القانون وتشديد العقوبات، لتصل إلى السجن المشدد لكل من يثبت تورطه في ارتكاب أو تسهيل جريمة ختان الإناث. وأكدت النيابة الإدارية أن هذه التعديلات تأتي في إطار استراتيجية وطنية تستهدف القضاء التام على الظاهرة، بما يتماشى مع التزامات مصر الدولية لحماية حقوق الإنسان، وبالأخص حقوق الفتيات الصغيرات.
ووفقًا للمادة (242 مكرر) من قانون العقوبات، فإن مرتكب الجريمة يواجه عقوبات تصل إلى السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وتصل إلى عشرين عامًا في بعض الحالات، خاصة إذا نتج عن الجريمة عاهة مستديمة أو وفاة الضحية. كما شدد القانون على معاقبة كل من يروج أو يشجع على ختان الإناث، سواء عبر وسائل الإعلام أو داخل العيادات الطبية غير المرخصة.
ختان الإناث.. جريمة لا تقل بشاعة عن التعذيب الجسدي
وصفت النيابة الإدارية ختان الإناث بأنه ليس مجرد إجراء طبي خاطئ، بل هو جريمة متعمدة تُرتكب في حق الطفولة، وتعكس موروثًا ثقافيًا مشوهًا يكرس انتهاك كرامة المرأة منذ نعومة أظافرها. وأكدت أن ختان الإناث يؤدي إلى آثار نفسية وصحية كارثية تمتد طوال عمر الضحية، وتشمل الصدمات العصبية، النزيف الحاد، العدوى القاتلة، فضلًا عن التأثيرات النفسية العميقة التي تترك ندوبًا لا تزول في روح الفتاة.
كما أوضحت النيابة أن مصر تتبنى حاليًا نهجًا أكثر صرامة في ملاحقة المتورطين، حيث يتم إحالة القضايا إلى المحاكم بسرعة قصوى، مع تشديد الرقابة على المؤسسات الطبية التي قد تتورط في ارتكاب هذه الجريمة.
دور النيابة الإدارية في التصدي للجريمة
تلعب النيابة الإدارية دورًا محوريًا في مكافحة هذه الظاهرة، من خلال التحقيق الفوري في أي بلاغات تتعلق بممارسات الختان داخل المنشآت الطبية الحكومية أو الخاصة. وأكدت أن أي طبيب يثبت تورطه في إجراء عمليات الختان سيفقد رخصته بشكل نهائي، إضافة إلى خضوعه لمحاكمة جنائية قد تنتهي بحبسه سنوات طويلة.
الاستراتيجية الوطنية.. مواجهة لا تقبل التهاون
كشفت النيابة الإدارية أن مصر تبنت استراتيجية وطنية متكاملة للقضاء على ختان الإناث، تتضمن:
- حملات توعية مكثفة في القرى والنجوع، لتغيير المفاهيم الخاطئة حول الختان، والتأكيد على أنه جريمة وليس ضرورة دينية أو ثقافية.
- ملاحقة قضائية سريعة لكل من يثبت تورطه في ارتكاب الجريمة، سواء من الطاقم الطبي أو من أولياء الأمور.
- تشديد المراقبة على المنشآت الصحية لضمان عدم إجراء أي عمليات ختان تحت ستار العمليات الطبية.
- تعديل التشريعات بصورة مستمرة لضمان تغليظ العقوبات وسد أي ثغرات قانونية قد يستغلها المجرمون.
رسالة قوية: لا تسامح مع المجرمين
وجهت النيابة الإدارية رسالة شديدة اللهجة إلى كل من تسوّل له نفسه التورط في هذه الجريمة، مؤكدة أن الدولة لن تتهاون مع أي طبيب، أو ممارس، أو ولي أمر يسهم في ارتكاب أو تسهيل جريمة ختان الإناث. وشددت على أن التشريعات الحالية ليست النهاية، بل ستشهد الفترة المقبلة المزيد من الإجراءات الرادعة لضمان القضاء الكامل على هذه الجريمة.
ختامًا، فإن الدولة المصرية تواصل معركتها ضد ختان الإناث، مدعومة بمنظومة قانونية صارمة، واستراتيجية توعوية شاملة، وإرادة سياسية لا تعرف التراخي. والرسالة واضحة: لا مكان للجريمة، لا تهاون مع المجرمين، ولا مستقبل لموروث بائد يسلب الفتيات حقهن في حياة آمنة وكريمة.