عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: المنع من السفر وحماية الحقوق

بعد مناقشات مكثفة داخل قاعة مجلس النواب، حظيت المادة 147 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية بموافقة الأغلبية، لتضع أسسًا جديدة في التعامل مع قرارات المنع من السفر. هذه المادة التي أثارت جدلًا كبيرًا بين النواب والخبراء الحقوقيين، تأتي في سياق الموازنة الدقيقة بين الحفاظ على الأمن القومي وضمان الحقوق الدستورية للأفراد.

تشريع يراعي التوازن الدستوري

جاءت المادة 147 لتؤكد أن المنع من السفر هو قرار قضائي ذو طابع إداري، يُتخذ لضمان عدم الإضرار بسير العدالة أو تعريض التحقيقات للخطر. وشدد النواب خلال المناقشات على أهمية هذه المادة في منع استغلال الثغرات القانونية التي قد تسمح لبعض المتهمين بالهروب خارج البلاد، دون الإخلال بالحقوق الأساسية للمواطنين.

رؤية وزارة العدل: حماية التحقيقات دون المساس بالحقوق

في كلمته أمام البرلمان، أوضح ممثل وزارة العدل أن المادة 147 جاءت لتسد فجوة تشريعية كانت تستغل في تعطيل العدالة. وأكد أن القرار بالمنع من السفر يصدر عن الجهات القضائية المختصة، لكنه يتسم بطبيعة إدارية في تنفيذه، لضمان سرعة وفعالية الإجراء. كما أشار إلى أن المواطن المتضرر من القرار له حق الطعن أمام القضاء، وهو ما يعزز مبدأ سيادة القانون.

تصريحات المستشار محمود فوزي: انسجام مع الدستور

صرح المستشار محمود فوزي، الأمين العام لمجلس النواب، أن التشريع الجديد يتسق تمامًا مع نصوص الدستور المصري، خصوصًا المادة 62 التي تكفل حرية التنقل. وأكد أن القيود المفروضة بموجب المادة 147 لا تُفرض إلا في حالات الضرورة القصوى، مع وضع ضمانات واضحة تحمي المواطنين من أي تعسف في التنفيذ.

اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان: لا خروقات دستورية

في تعليقها على المادة 147، أكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن القانون لا يحتوي على أي انتهاكات للحقوق الأساسية. وأوضحت اللجنة أن القيود المفروضة على حرية السفر يجب أن تكون مبررة وتتماشى مع المبادئ الدستورية، وهو ما تضمنته نصوص المادة التي حظيت بالموافقة.

مخاوف وتحديات

رغم الإشادة بالمادة 147، أعرب بعض النواب عن قلقهم بشأن إمكانية استغلالها بشكل تعسفي إذا لم تُطبق الضوابط بحزم. وطالبوا بضرورة إنشاء آلية رقابية تضمن الالتزام بالقانون وعدم تجاوزه، مع مراجعة دورية للإجراءات التنفيذية.

خطوة نحو عدالة متوازنة

يعد إقرار المادة 147 خطوة مهمة في تطوير منظومة العدالة المصرية، حيث تسعى لتحقيق التوازن بين حماية الأمن القومي وضمان الحريات العامة. ومع دخول القانون حيز التنفيذ، تبقى الرقابة القضائية الصارمة والتزام الجهات التنفيذية بالضوابط القانونية حجر الأساس لضمان نجاح هذا التشريع الجديد.

بهذا القرار، يفتح البرلمان الباب أمام مرحلة جديدة من الممارسة القانونية التي تضع مصلحة الوطن والمواطن على قدم المساواة، في إطار يحترم الدستور ويعزز سيادة القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى