عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: التصالح في مخالفات البناء.. خطوة نحو تقنين الأوضاع وتحقيق التنمية المستدامة

في ظل تزايد النمو السكاني والتوسع العمراني غير المنظم، أصبحت مشكلة مخالفات البناء واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه الدولة والمجتمع. وقد جاء قانون التصالح في مخالفات البناء كأداة تشريعية تهدف إلى تقنين الأوضاع المخالفة وتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية العمرانية والحفاظ على حقوق الدولة والمواطنين. يهدف هذا المقال إلى استعراض خطوات التصالح وفقًا للقانون بالتفصيل، مع تسليط الضوء على أهميتها وانعكاساتها على المجتمع.

 

ما هو قانون التصالح في مخالفات البناء؟

قانون التصالح هو تشريع مصري يهدف إلى تسوية أوضاع المباني المخالفة التي شُيدت قبل تاريخ معين، بشرط استيفائها معايير السلامة الإنشائية وعدم وقوعها في مناطق يحظر فيها البناء. يعكس القانون رغبة الدولة في وضع حد للبناء العشوائي، وتحويل هذه الظاهرة من أزمة إلى فرصة للاستفادة الاقتصادية والاجتماعية.

 

تفصيل خطوات التصالح وفقًا للقانون:

 

  1. 1. تقديم طلب التصالح:

 

يبدأ صاحب العقار المخالف بإعداد ملف التصالح الذي يُقدم إلى الوحدة المحلية أو الجهة المختصة في نطاق العقار.

 

يحتوي الملف على المستندات التالية:

 

إثبات ملكية العقار أو عقد قانوني معترف به.

 

رسم هندسي معتمد أو كروكي يوضح موقع العقار ومساحته.

 

تقرير سلامة إنشائية معتمد من مهندس استشاري أو مكتب هندسي معتمد.

 

إيصال سداد رسوم الفحص المقررة.

 

  1. 2. فحص الطلب:

 

تقوم لجنة مختصة بفحص الطلب للتأكد من صحة المستندات واستيفاء الشروط القانونية.

 

إذا كان العقار يقع في مناطق غير مصرح بالتصالح فيها (مثل الأراضي الزراعية أو المحميات الطبيعية)، يُرفض الطلب.

 

 

 

  1. 3. تحديد قيمة التصالح:

 

تُشكل لجنة لتقدير قيمة التصالح بناءً على معايير محددة تشمل:

 

نوع البناء (سكني، تجاري، صناعي).

 

المساحة الإجمالية للمخالفة.

 

موقع العقار (مناطق حضرية أو ريفية).

 

 

تُخطر الجهة مقدّم الطلب بقيمة التصالح، والتي يمكن سدادها بالكامل أو على أقساط.

 

 

  1. 4. المعاينة الميدانية:

 

بعد الموافقة المبدئية، تقوم لجنة هندسية بزيارة الموقع للتأكد من أن العقار مطابق للبيانات الواردة في الطلب.

 

 

 

  1. 5. إصدار شهادة التصالح:

 

بعد إتمام السداد، تُصدر الوحدة المحلية شهادة رسمية تُفيد بتقنين وضع العقار.

 

تُعد هذه الشهادة بمثابة مستند قانوني يُمكن استخدامه في تسجيل العقار، أو الحصول على المرافق العامة مثل المياه والكهرباء.

 

الحالات التي لا يجوز التصالح فيها:

رغم أن القانون يهدف إلى استيعاب أكبر عدد ممكن من المخالفات، إلا أن هناك قيودًا صارمة تمنع التصالح في بعض الحالات، ومنها:

 

البناء على أراضٍ مملوكة للدولة دون تسوية الوضع القانوني.

 

التعدي على خطوط التنظيم أو الأراضي ذات الأهمية القومية.

 

المباني التي تؤثر على السلامة العامة أو تهدد حياة السكان.

 

البناء في المناطق ذات الطابع الأثري أو المحميات الطبيعية.

 

التحديات التي تواجه عملية التصالح:

 

بيروقراطية الإجراءات: تأخر الفحص وإصدار قرارات التصالح بسبب كثرة الطلبات.

 

ضعف الوعي المجتمعي: قلة معرفة المواطنين بالتفاصيل القانونية تؤدي إلى تقديم طلبات غير مكتملة.

 

مخاوف مالية: ارتفاع قيمة التصالح قد يشكل عبئًا على بعض الفئات، خاصة في المناطق الريفية.

 

 

فوائد التصالح على المدى الطويل:

 

  1. 1. تحقيق الاستقرار القانوني:

 

يُساهم التصالح في توثيق ملكية العقارات المخالفة، مما يفتح الباب أمام تسجيلها قانونيًا.

 

 

 

  1. 2. إيرادات للدولة:

 

تُستخدم حصيلة التصالح في تمويل مشروعات البنية التحتية، مثل تحسين الطرق، وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية.

 

  1. 3. تنظيم التخطيط العمراني:

 

تُساعد هذه الخطوة على الحد من البناء العشوائي، مما يُعزز من التخطيط المستدام للمدن.

 

  1. 4. تحسين جودة الحياة:

 

من خلال توفير الخدمات الأساسية للعقارات التي كانت تُعتبر غير قانونية.

 

خاتمة:

يمثل قانون التصالح في مخالفات البناء نموذجًا للتوازن بين تطبيق القانون ومراعاة الواقع الاجتماعي. ومع ذلك، فإن نجاح هذه التجربة يتطلب تكاتف الجهود بين المواطنين والدولة، وزيادة الوعي بأهمية التصالح. إنها ليست مجرد خطوة قانونية، بل هي بداية لتطوير مجتمع أكثر تنظيمًا واستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى