عاجلمقالات

حسين محمود بكتب: سفاح المعمورة.. محامٍ بوجهين وجرائم خلف ستار القانون

في مدينة المعمورة الهادئة، التي لطالما اشتهرت بأمانها واستقرارها، دبت حالة من الرعب بعد سلسلة من الجرائم الغامضة التي حيرت الجميع. لم يكن القاتل مجرمًا عاديًا يتخفى في الظلام، بل كان رجل قانون، محامٍ مخضرم (م.س)، عُرف بين الناس بذكائه ومهارته في الدفاع عن القضايا المعقدة، لكنه كان يخفي خلف عباءته القانونية وجهًا آخر، وجه سفاح لا يرحم، يستدرج ضحاياه ببراعة قبل أن يحكم عليهم بمصيرهم المظلم داخل ما أطلق عليه لاحقًا “غرف الموت”.

 

الجريمة الأولى.. البداية الدامية

بدأت القصة عندما اختفى شاب ثلاثيني يُدعى (أ.ن) كان على وشك كسب قضية تعويض ضخمة بمساعدة المحامي (م.س). في البداية، لم يكن هناك ما يدعو للقلق، فقد اعتقد المقربون منه أنه سافر أو اختفى بسبب ضغط القضية، لكن بعد أيام، عُثر عليه جثة هامدة داخل شقة مهجورة كانت الصدمة أكبر عندما كشف الفحص الجنائي أنه تعرض لتعذيب ممنهج قبل مقتله، وأن القاتل حاول طمس معالم الجريمة بذكاء، مما زاد من تعقيد التحقيقات.

 

لم تكن هذه الجريمة سوى الشرارة الأولى لسلسلة من الجرائم التي هزّت المدينة. خلال الأشهر التالية، تزايدت حالات الاختفاء، وكلها كانت لأشخاص لهم صلة مباشرة أو غير مباشرة بالمحامي (م.س). لم تكن هناك أنماط واضحة للضحايا، مما جعل الشرطة عاجزة عن الربط بينهم في البداية.

 

غرف الموت.. مسارح الجرائم المروعة

 

مع تزايد الجرائم، عثرت الشرطة على أدلة تقود إلى شقق سرية كان يستأجرها القاتل بأسماء مستعارة. إحدى هذه الشقق، التي وُجدت في حي هادئ بالمدينة، كانت تحمل مشاهد مروعة: أثاث مقلوب، بقع دماء مخفية، وأدوات تعذيب بدائية، مما أكد أن المكان استُخدم لتنفيذ عمليات القتل بوحشية.

 

التحليل الجنائي كشف أن الجاني لم يكن يقتل ضحاياه فورًا، بل كان يُخضعهم لجلسات تعذيب قاسية قبل التخلص منهم. هذا النمط غير المعتاد في القتل أشار إلى أن الجريمة لم تكن بدافع السرقة أو الانتقام فقط، بل كانت تحمل بُعدًا نفسيًا مرعبًا، مما دفع المحققين للبحث في ماضي المحامي للكشف عن دوافعه الحقيقية.

 

الوجه المظلم للمحامي.. كيف كان يختار ضحاياه؟

 

مع تعمق التحقيقات، بدأت الصورة تتضح تدريجيًا. لم يكن (م.س) يقتل بشكل عشوائي، بل كان يختار ضحاياه بعناية:

 

  1. 1. الموكلون الضعفاء: أشخاص كانوا يثقون به لحل قضاياهم القانونية، لكنه كان يستغل موقفهم الهش ليستدرجهم إلى نهايتهم.

 

 

  1. 2. المعارضون له: أشخاص شكلوا تهديدًا لمصالحه أو كانوا يعرفون أسرارًا خطيرة عنه.

 

 

  1. 3. ضحايا بدوافع غامضة: بعضهم لم يكن لديه علاقة واضحة به، مما جعل التحقيق أكثر تعقيدًا.

 

كان القاتل يستخدم أساليبه القانونية لإخفاء الأدلة، ويتلاعب بالمسارات القانونية لمنع الاشتباه به، مما جعله بعيدًا عن الشكوك لفترة طويلة.

 

الخطأ القاتل الذي أسقطه

رغم حذر السفاح، لم يكن محصنًا ضد الخطأ. إحدى الضحايا، وهي سكرتيرته الخاصة (ن.ع)، كانت قد لاحظت تغيرات غريبة في سلوكه، وبدأت تشتبه في أن شيئًا مريبًا يحدث داخل مكتبه. قبل اختفائها، سجلت مذكرة صوتية على هاتفها، تحدثت فيها عن مخاوفها، وأرسلتها لصديقة لها.

 

عندما اختفت السكرتيرة بشكل مفاجئ، لجأت صديقتها إلى الشرطة، لتبدأ التحقيقات تأخذ منحى مختلفًا تم تحليل سجل مكالمات المحامي، وكشف المحققون عن تناقضات في أقواله، مما دفعهم إلى تفتيش مكتبه وشقته المفاجأة الكبرى كانت العثور على متعلقات بعض الضحايا، بالإضافة إلى سجلات سرية احتفظ بها المحامي، وكأنه كان يوثق جرائمه بنفسه.

 

المطاردة والسقوط

بعد تجميع الأدلة، صدرت أمر ضبط بحق المحامي، لكنه أدرك الخطر وهرب قبل القبض عليه. ما تبع ذلك كان مطاردة أمنية استمرت لعدة أيام، استخدم فيها القاتل مهاراته في التلاعب والاختفاء، لكنه في النهاية سقط في قبضة العدالة داخل مخبأ سري كان يخطط للهروب منه إلى خارج البلاد.

 

بمجرد القبض عليه، انهارت أقنعته، وبدأت أسر الضحايا تطالب بالقصاص العادل. في التحقيقات الأولية، بدا المحامي هادئًا ومتزنًا، وكأنه لا يشعر بأي ذنب، لكنه في لحظات معينة كشف عن ملامح مرعبة لنفسية مختلة، مليئة بالكره والتلاعب.

 

محاكمة السفاح.. أسئلة بلا إجابات

مع بدء المحاكمة، ظهرت أسئلة كثيرة ما زالت دون إجابة:

 

هل ارتكب كل هذه الجرائم بمفرده، أم أن هناك شركاء له؟

 

ما الذي دفعه ليصبح قاتلًا متسلسلًا بهذه الوحشية؟

 

هل كان يعاني من اضطرابات نفسية، أم أن الأمر كان بدافع السيطرة المطلقة؟

 

ورغم أن العدالة بدأت تأخذ مجراها، إلا أن سكان المعمورة لا يزالون يعيشون في صدمة، غير قادرين على استيعاب كيف تحوّل رجل قانون إلى أشرس قاتل في تاريخ المدينة.

 

نهاية مرعبة.. أم بداية لكشف المزيد؟

سقوط “سفاح المعمورة” كان بمثابة انتصار للعدالة، لكنه ترك وراءه إرثًا من الخوف والتساؤلات. هل كانت هذه الجرائم مجرد البداية لكشف شبكة أعمق من الفساد والجريمة؟ أم أن المدينة ستتمكن أخيرًا من استعادة هدوئها؟

 

الأيام القادمة وحدها ستحمل الإجابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى