
بعد 21 عامًا، قرر ترامب إنهاء عمل قناة “الحرة” الأمريكية في العراق، والتي بدأت عملها منذ عام 2004، وبعد الحرب الأمريكية على العراق مباشرة، حيث انتشرت مزاعم تشير إلى أن الكونجرس الأمريكي قرر إغلاق قناة “الحرة”، ومنح موظفيها مهلة 30 يومًا لإنهاء عملهم.
قرارات ترامب تنهي عمل وسائل الإعلام بالشرق الأوسط
لكن الحقيقة أن من قام بهذا الإجراء ليس الكونجرس الأمريكي، بل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعطى الضوء الأخضر بإغلاق قناة “الحرة”، وعدد من القنوات الأمريكية الأخرى الناطقة بالعربية، الممولة من الحكومة الأمريكية بتخفيض إنفاقها، ما يؤدي إلى الاستغناء عن عدد كبير من الموظفين، وإلغاء العديد من البرامج.
وكانت قناة “الحرة”، التي انطلقت عام 2004، تلعب دورًا محوريًا في تغطية الأخبار وتحليل السياسات الأمريكية الموجهة للجمهور العربي. ويُتوقع أن يثير القرار ردود فعل واسعة في الأوساط الإعلامية والسياسية.
بداية حكاية إغلاق قناة “الحرة” الأمريكية في العراق تعود إلى الإجراءات الأخيرة، وهي عبارة عن مراسيم تنفيذية أصدرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تهدف إلى تقليص حجم وسائل الإعلام الفيدرالية الممولة من الحكومة الأمريكية.
قرار الرئيس الأمريكي ترامب أعتبره المحللون السياسيون بأنه “خطوة غير مسبوقة”، حيث أصدر ترامب في 15 مارس الجاري أوامر تنفيذية تقضي بإعادة هيكلة وإلغاء تمويل العديد من المؤسسات الإعلامية الفيدرالية، ومنها إذاعة “صوت أمريكا VOA”، وراديو أوروبا، وقناة “الحرة”، و”راديو ليبرتي”، وراديو “آسيا الحرة”، ومكتب البث الكوبي، الذي يدير إذاعة وتلفزيون مارتي.
وقف عمل 1300 موظف في صوت أمريكا
وفي تصريح صادم لمدير “صوت أمريكا” قال مايكل أبراموفيتز: “إن جميع موظفيه تقريبًا، الذين يبلغ عددهم 1300 صحفي ومنتج ومساعد، قد أُوقفوا عن العمل إداريًا، مما أدى إلى شلل في عمل هذه الإذاعة التي تبث بأكثر من 50 لغة.”
قرارات ترامب تنهي عمل القنوات الموجهة في الشرق الأوسط، فيتوقرارات ترامب تنهي عمل القنوات الموجهة في الشرق الأوسط، فيتو
وقال أبراموفيتز على منصة “لينكد إن”: “أشعر بحزن عميق، فالأول مرة منذ 83 عامًا تُسكت إذاعة صوت أمريكا العريقة”، مؤكدًا أن صوت أمريكا دورها المهم يتمثل في “النضال من أجل الحرية والديمقراطية حول العالم”.
ومُنع ويليام جالو، رئيس مكتب “صوت أمريكا” في سيول، من الوصول إلى جميع أنظمة الشركة وحساباتها، وفي في مقابلة مع برنامج “بلو سكاي”، قال جالو: “كل ما أردت فعله هو قول الحقيقة بصراحة، بغض النظر عن الحكومة التي أغطيها، إذا كان ذلك يشكل تهديدًا لأي شخص، فليكن”.
وتهدف قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تقليص ما وصفه بـ “البيروقراطية الفيدرالية”، وووافقت هذه الرؤية الملياردير إيلون ماسك، الذي يرى أن العديد من المؤسسات الإعلامية الممولة من الحكومة، أصبحت عبئًا على دافعي الضرائب.”
وبرغم أن “صوت أمريكا” تأسست عام 1942، وكانت تبث برامجها بأكثر من 40 لغة عبر الإنترنت والراديو والتلفزيون، وتُشرف عليها الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي (USAGM)، التي باتت ملتزمة بموجب مرسوم ترامب بإلغاء جميع الأنشطة غير المطلوبة قانونيًا، ما يؤدي لإلغاء العديد من العقود وتسريح مئات الموظفين في المؤسسات الإعلامية الممولة فيدراليًا من قبل الحكومة الأمريكية.
ترامب يعيد النظر في تمويل المؤسسات الإعلامية
وبررت كاري ليك، الإعلامية السابقة والمذيعة المؤيدة لترامب، والتي عُينت مستشارة للوكالة الأمريكية للإعلام العالمي، هذه الإجراءات، وفي بيان رسمي لها “أن هذه القرارات تأتي في إطار ضمان “عدم اضطرار دافعي الضرائب الأمريكيين إلى تمويل دعاية إعلامية متطرفة”، حسبما جاء في بيانها.
وذكرت كاري ليك “أن أموال المنح الفيدرالية التي كانت تُمنح لهذه المؤسسات الإعلامية “لم تعد تحقق أولويات الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي”، مما استدعى إعادة النظر في تمويلها.”
يعكس موقف كاري ليك التوجهات التي تبناها ترامب، حيث كان يهاجم المؤسسات الصحفية التي تنتقد سياساته، معتبرًا أن الإعلام التقليدي في الولايات المتحدة منحاز ضده.
إنهاء العمل باتفاقية تمويل قناة الحرة
وتدير قناة “الحرة” شبكة الشرق الأوسط للبث (MBN)، التي تأثرت بدورها بـ “تخفيض التمويل الفيدرالي، لكن لم يصدر أي قرار رسمي بإغلاق قناة الحرة نهائيًا.
وتعاني شبكة الشرق الأوسط للبث (MBN) من أزمة مالية خانقة، حيث تم تخفيض ميزانيتها بمقدار 20 مليون دولار، الأمر الذي أدى لتسريح أكثر من 160 موظفًا بالقناة.
ويأتي هذا القرار في ظل مخاوف متزايدة بين العاملين في الإعلام الأمريكي الممول من الحكومة الفيدرالية الأمريكية، حيث يخشى الكثيرون أن يكون الهدف النهائي هو التخلص التدريجي من هذه المؤسسات الإعلامية أو تقليص دورها تدريجيًا.
وقال الإعلامي العراقي زيد بنيامين، مراسلًا في واشنطن لإذاعة “راديو سوا”، الممولة من قبل الكونجرس الأمريكي: إن ” كاري ليك، المستشارة الأولى للرئيس التنفيذي المؤقت لوكالة الإعلام العالمية الأمريكية (USAGM) بصلاحيات مفوضة من الرئيس التنفيذي المؤقت، تنهي العمل باتفاقية تمويل قناة “الحرة” بأثر فوري وإدارة القناة تتعهد بمقاومة ذلك.
صدمة المسئولين عن الإعلام الموجه
وجاء في نص رسالة جيف جيفري جدمن “إنهاء اتفاقية منحة MBN، وسنستمر للأمام.. أنا أشعر بخيبة أمل وقلق عميق. تلقينا أمس رسالة من كاري ليك تُعلن إنهاء اتفاقية منحة MBN. شبكة البث في الشرق الأوسط (MBN) هي منظمة غير ربحية 501(c (3 ومستفيدة من الحكومة الفيدرالية، وافق الكونجرس على تمويلنا لبقية السنة المالية من خلال قرار تمويل مستمر، وأبلغتنا السيدة ليك، المستشارة الأولى للرئيس التنفيذي المؤقت لوكالة الإعلام العالمية الأمريكية (USAGM) بصلاحيات مفوضة من الرئيس التنفيذي المؤقت، بأننا لم نعد نستحق التمويل صباح السبت. ”
وتابع جيف “هذا أمر محير، سأقدم تقريرًا عن الطريق إلى الأمام في اجتماع عام غدًا (الاثنين) الساعة 9 صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، ولن نتوقف عن الكفاح من أجل MBN ومن أجل دافعي الضرائب الأمريكيين الذين يدعمون عملنا بسخاء، خدمة دافعي الضرائب الأمريكيين، ومواجهة أعداء أمريكا، ويمكن لدافعي الضرائب الأمريكيين أن يفخروا بما نقوم به لتعزيز المصالح الأمريكية.”
وذكر جيف أن “الصين تحقق تقدمًا في جميع أنحاء المنطقة، وزادت إيران ميزانيتها لعمليات الأخبار والمعلومات بنسبة 50٪، ونحن نواجه الخطاب المعادي لأمريكا، ونحكي القصة الأمريكية، ونصل إلى عشرات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء الشرق الأوسط عبر التلفزيون والمنصات الرقمية، وهذا ليس وقت تراجع أمريكا.”
وقال جيف “القرار المفاجئ بإنهاء اتفاقية المنحة أمر محير. لقد عملنا بجد خلال 11 شهرًا كرئيس تنفيذي، لنكون أوصياء جيدين على الموارد، وأصررنا على الإنفاق الحكيم.، وأغلقنا مكاتب، وأنهينا خدمات 200 موظف، وخفضنا القوة العاملة بنسبة 25٪ في الخريف الماضي، مما وفر لدافعي الضرائب الأمريكيين ما يقرب من 20 مليون دولار.”
مستشارة ترامب ترفض لقاء المسئولين عن الإعلام الموجه
وتابع رئيس شبكة MBN “فرضنا تجميدًا على السفر، وشراء المعدات والتكنولوجيا، والتعيينات الجديدة، وزيادات الرواتب، والترقيات بعد عيد الميلاد — استعدادًا للكونغرس والإدارة الجديدة”
وأضاف “كنا نضيق النفقات طوال الوقت، وأغلقنا بابًا خلفيًا في مقرنا في سبرينغفيلد بولاية فيرجينيا، مما سمح بتخفيض عدد الحراس الأمنيين لدينا، كما خفضنا خدمات التنظيف والعقود غير الأساسية؛ ما زلنا نواصل تقليص النفقات.”
وأوضح جيف “لقد قمنا بدراسة أكثر من 18 موقعًا مختلفًا كخيار محتمل للانتقال في عام 2026، بهدف الحصول على مساحة أصغر وتقليل تكلفة الإيجار، وقدرنا أن هذا الانتقال سيوفر مليون دولار إضافي سنويًا لدافعي الضرائب الأمريكيين المجتهدين. نحن ممتنون لهذا الدعم ولا نعتبره أمرًا مفروغًا منه.”
وقال جيف جيفري جدمن “نحن ملتزمون بالرقابة والمساءلة، وشغوفون بالتوفير والكفاءة والفعالية، وتسعى MBN إلى الإصلاح والتحول والتكيف، الاستسلام ليس خيارًا، مستقبل MBN في خطر، وكان قرار كاري ليك المربك والخاطئ بالأمس بمثابة ضربة للناس المحبين للحرية والداعمين لأمريكا في جميع أنحاء العالم.”
وتابع جيفري “صوت أمريكا صمتت بالأمس، وتم أيضًا إلغاء اتفاقيات المنح الخاصة بـ إذاعة أوروبا الحرة راديو ليبرتي، وراديو آسيا الحرة، وصندوق التكنولوجيا المفتوحة، إن هذه الخطوة المفاجئة والمربكة للإلغاء دون أي مشاورات أو نقاش تجعلنا في حيرة تامة.”
ورفضت مستشارة ترامب مقابلة جيف جيفري غدمن لمناقشة الأمر، وباءت مساعي جيف جيفري بالفشل.
مصير برنامجي إبراهيم عيسى وإسلام البحيري
وأثار قرار ترامب بإنهاء عمل قناة الحرة، وتسريح عدد من الموظفين في القناة، ردود أفعال واسعة بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وتوقع عدد من النشطاء إلغاء العديد من البرامج، ومنهت إلغاء عدد من البرامج التي تقدم عبر قناة “الحرة”، ومنها برنامج الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، والداعية إسلام بحيري، لنقد ما وصفوه بـ “النص الإسلامي”.
وكانت قناة “الحرة” قد خصصت برنامجين من برامجها لـ إبراهيم عيسى وإسلام بحيري، ويذاع برنامج إبراهيم عيسي بعنوان “مختلف عليه”، الذي يعيد فيه إبراهيم عيسى فيه فتح الملفات الخاصة بأراء الفقهاء، ويربطها بجذور العنف والتطرف والأفكار، مع ما يصفه بـ “حركات التجديد والاصلاح الديني”.
وتساءل البعض عن مصير البرامج الموجهة من قبل قناة “الحرة”، الأمريكية، والتي كانت قد تم تدشينها بأموال سخية لبث العديد من الأفكار التي تتماهي من السياسة الأمريكية الموجهة، في الدين والسياسة، وتطرح وجهة النظر الأمريكية البحتة والموجهة لمنطقة الشرق الأوسط، وخاصة للمجتمعات العربية المحافظة.