
تواجه المملكة المتحدة أزمة طقس حادة غير مسبوقة أدت إلى شلل شبه تام في مختلف أنحاء البلاد، إذ تسببت العواصف الثلجية الكثيفة وموجات الصقيع في انقطاع التيار الكهربائي عن آلاف المنازل وتعطيل حركة النقل البري والجوي بشكل كبير، وفي هذا الصدد كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن حجم الأضرار والتداعيات التي خلفتها هذه الموجة من الطقس القاسي على مختلف القطاعات في البلاد.
أزمة الكهرباء والبنية التحتية
شهدت مناطق واسعة في وسط وجنوب غرب إنجلترا وجنوب ويلز انقطاعاً شاملاً في التيار الكهربائي، حيث أعلنت شركة “ناشيونال جريد” المسؤولة عن شبكة الكهرباء في بريطانيا عن تضرر شبكات التوزيع في مدن رئيسية مثل برمنجهام وبريستول وكارديف.
وتواجه فرق الصيانة التابعة للشركة تحديات كبيرة في محاولاتها لاستعادة التيار الكهربائي، خاصة مع استمرار تساقط الثلوج وتجمد الأمطار الذي يعيق عمليات الإصلاح، في حين يأتي هذا الانقطاع في وقت حرج مع انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، مما يزيد من معاناة السكان الذين يعتمدون على التدفئة الكهربائية في منازلهم.
شلل في حركة النقل والمواصلات
تسببت العاصفة الثلجية في إحداث اضطراب غير مسبوق في حركة النقل والمواصلات في جميع أنحاء البلاد، وفي هذا الصدد الصحيفة أن مطار بريستول اضطر إلى تعليق جميع عملياته لعدة ساعات بسبب تراكم الثلوج على المدرجات وظروف الرؤية المتدنية.
وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي تبذلها فرق الطوارئ لإزالة الثلوج، إلا أن حركة الطيران لا تزال متأثرة بشكل كبير.
وفي السياق ذاته، شهدت شبكة الطرق السريعة حوادث متعددة، حيث سجلت السلطات عدداً كبيراً من حوادث التصادم على طريق M5 بين مفترق 21 في ويستون سوبر مير ومفترق 25 في تاونتون.
كما تم إغلاق العديد من الطرق الرئيسية بشكل كامل، بما في ذلك طريق A303 في ويلتشير وممر وودهيد A628 الذي يعد شرياناً حيوياً يربط بين مانشستر الكبرى وجنوب يوركشاير.
التحذيرات الجوية والإجراءات الاحترازية
أصدر مكتب الأرصاد الجوية البريطاني سلسلة من التحذيرات شديدة اللهجة، متوقعاً تساقط الثلوج بكثافة تصل إلى 30 سنتيمتراً في بعض المناطق.
وتضمنت التحذيرات إنذاراً يغطي معظم مناطق ويلز ووسط إنجلترا ، بما في ذلك منطقة ميدلاندز ومدينتي ليفربول ومانشستر.
كما شمل التحذير الثاني معظم مناطق شمال إنجلترا، بما في ذلك مدن ليدز وشيفيلد ومنطقة بحيرة ديستريكت.
وأوضح جيسون كيلي، كبير خبراء التنبؤات في مكتب الأرصاد الجوية، أن الوضع يزداد خطورة مع احتمال تجمد الأمطار في العديد من المناطق، مما يؤدي إلى تكون طبقة جليدية خطيرة على الأسطح.
التداعيات الصحية والاجتماعية
في ظل هذه الظروف القاسية، أطلقت هيئة الأمن الصحي البريطانية تحذيرات من مخاطر الطقس البارد على الصحة العامة في جميع أنحاء إنجلترا.
وتستمر هذه التحذيرات حتى 8 يناير، مع توقعات بارتفاع محتمل في معدلات الوفيات خلال هذه الفترة.
واستجابة لهذه المخاوف، اتخذت السلطات المحلية في لندن وجنوب إنجلترا إجراءات طارئة تشمل توفير مأوى إضافي للمشردين وتقديم المساعدة للفئات الأكثر ضعفاً.
وسجلت منطقة أبوين في أبردينشاير درجة حرارة متدنية وصلت إلى 8.6 درجات مئوية تحت الصفر، مما يؤكد شدة الموجة الباردة التي تضرب البلاد.
وتشير التوقعات، حسب ما نقلت صحيفة الجارديان عن مكتب الأرصاد الجوية البريطاني، إلى احتمال إصدار المزيد من التحذيرات الجوية مع بداية الأسبوع المقبل، مما يعني أن البلاد قد تستمر في مواجهة هذه الظروف الجوية الصعبة لفترة أطول.
وتواصل السلطات المعنية جهودها للتخفيف من آثار هذه الأزمة الجوية غير المسبوقة، مع التركيز على حماية المواطنين وضمان استمرار الخدمات الأساسية قدر الإمكان.