
في خطوة جريئة تستهدف إحداث نقلة نوعية في منظومة التعليم المصري، أطلقت مديرية التربية والتعليم بمحافظة الجيزة حوارًا مجتمعيًا حول مشروع “البكالوريا المصرية”، وهو النظام المقترح ليكون بديلًا لنظام الثانوية العامة التقليدي، يأتي هذا المشروع في إطار رؤية الدولة لإعادة هيكلة التعليم ما قبل الجامعي، وضمان تكافؤ الفرص بين الطلاب، وتحقيق جودة تعليمية تضاهي المعايير العالمية.
وانطلقت أولى جلسات الحوار المجتمعي بمحافظة الجيزة، بتنظيم مديرية التربية والتعليم بقيادة سعيد عطية، وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالمحافظة، لمناقشة آليات تطبيق نظام البكالوريا المصرية والتحديات التي قد تواجهه، وسط حضور مكثف من القيادات التعليمية، والخبراء الأكاديميين، وأعضاء مجلس النواب، وأولياء الأمور، وطلاب المرحلة الإعدادية.
لحظة فاصلة في التعليم المصري
واستهل سعيد عطية، وكيل وزارة التربية والتعليم بالجيزة، الجلسة بتأكيده على أن “التعليم المصري يشهد لحظة فاصلة” بين ماضٍ اعتمد على التلقين، ومستقبل يُرسّخ للإبداع والتفكير النقدي. وأوضح أن نظام الثانوية العامة التقليدي ظل لسنوات طويلة بمثابة اختبار وحيد يحدد مستقبل الطالب، دون منح فرصة حقيقية لتطوير مهاراته أو تحسين أدائه على مراحل متعددة.
وأضاف عطية أن “نظام البكالوريا المصرية” يُعيد صياغة منظومة التعليم لتكون أكثر عدالة، حيث يمنح الطلاب فرصًا متكررة لتحسين مستواهم الأكاديمي، بدلًا من الفرصة الواحدة التي كانت تحدد مصيرهم.
كما أكد أن النظام الجديد سيساعد في إعداد جيل قادر على المنافسة محليًا ودوليًا، مما يعزز مكانة مصر في التصنيفات التعليمية العالمية.
تحولات جوهرية في النظام التعليمي
من جانبها، أوضحت ريحاب عريق، وكيل المديرية، أن مشروع البكالوريا يمثل نقلة نوعية تهدف إلى القضاء على الضغوط النفسية التي يفرضها النظام القديم.
وأكدت أن النظام الجديد يمنح الطلاب حرية اختيار المسار الأكاديمي الذي يتناسب مع قدراتهم وطموحاتهم، مما يخلق بيئة تعليمية تدعم الإبداع والابتكار.
أما الدكتورة إيمان هريدي، عميد كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، فأكدت أنه “لا يوجد نظام تعليمي سهل وآخر صعب”، بل إن الأمر يعتمد على جودة التطبيق وآليات التقييم العادلة.
وأشارت إلى أن البكالوريا المصرية ليست مجرد تطوير لأسلوب الامتحانات، بل هي إعادة هيكلة شاملة تستهدف تعزيز المهارات الحياتية والعملية لدى الطلاب.
مرونة تستوعب قدرات الطلاب
من جانبه شدد النائب حسام المندوه الحسيني على أن نظام البكالوريا يتميز بالمرونة، إذ يتيح للطلاب فرصًا متعددة لتحسين أدائهم الأكاديمي واختيار المواد التي تتناسب مع ميولهم وقدراتهم.
وأكد أن نجاح النظام الجديد يعتمد على تكامل الأدوار بين الوزارة، والمعلمين، وأولياء الأمور، والطلاب أنفسهم.
آراء أولياء الأمور والطلاب
وشهد اللقاء طرح العديد من التساؤلات حول تفاصيل التقييم، وكيفية تحسين الدرجات، وآليات الاختيار بين المسارات الأكاديمية المختلفة. وأبدى بعض أولياء الأمور مخاوفهم من إمكانية تطبيق النظام الجديد بسلاسة، بينما أكد آخرون أن النظام يمثل فرصة حقيقية لتخفيف الأعباء عن الأسر، وتحقيق عدالة التقييم بين الطلاب.
بدورهم، أبدى طلاب المرحلة الإعدادية المشاركون في الحوار اهتمامًا بالغًا بالمشروع، معبرين عن تطلعهم لنظام يتيح لهم التعلم بطريقة أكثر متعة وتفاعلية، بعيدًا عن الأساليب التقليدية التي تعتمد على الحفظ والتلقين.
نحو مستقبل تعليمي أكثر تطورًا
واختُتمت الجلسة بتأكيد المشاركين على ضرورة دعم هذا التحول الجذري، وتوعية المجتمع بأهميته.
كما شدد الخبراء على أن نجاح النظام الجديد مرهون بتوفير بنية تحتية قوية، وبرامج تدريبية متطورة للمعلمين، وضمان الشفافية والعدالة في التقييم، مؤكدين أن مشروع “البكالوريا المصرية” لا يمثل مجرد تغيير في نظام الامتحانات، بل هو خطوة استراتيجية نحو بناء جيل من الطلاب المفكرين والمبتكرين، القادرين على مواكبة متطلبات العصر وسوق العمل.