عاجلمقالات

إنجي إمام تكتب: الكتاتيب.. المدرسة الأولى للمصريين لحفظ كتاب الله

بعد أن أطلقت وزارة الأوقاف مبادرة “عودة الكتاتيب من جديد” تحت رعاية الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، لحفظ القرآن الكريم ومعرفة معانيه والتعرف على أصول الدين الإسلامي من خلال المنهج الوسطى الأزهري على أيدي نخبة مختارة من المحفظين، واستقطاب النشء وتحصينهم من الأفكار المتطرفة.

نستعرض من خلال هذا التقرير تاريخ الكتاتيب ومهمتها التاريخية في حماية النشء من الأفكار المتطرفة وكيف طورت أساليبها لتواكب العصر

 

تؤسس التلاميذ على اللغة العربية قبل دخول المدرسة

 

كانت الكتاتيب هي روح العلم في كل قرى مصر، فمنذ نعومة الأظافر كان أبناء الفلاحين والبسطاء يستقون حروفهم الأولى عبر حصيرة شيخ الكُتاب.. واليوم قلّ عددها، إلا أن البعض رأى أنه لا بد من تحديث هذه المنابر العلمية لتواكب العصر لتواصل مهمتها التاريخية في الريف المصري والذي بدأته قبل مئات السنين.

 

تحدثنا مع أصحاب بعض الكتاتيب، ومحفظي القرآن وأولياء الأمور، حيث أبدوا رأيهم في دعوات التجديد وتحديث هذه المنابر العلمية

 

شكل الكتاب اختلف

 

جبريل فهمي سعداوي، مقيم شعائر ومحفظ قرآن كريم، يؤكد أن الكُتّاب لم يعد بالشكل الذي تعودنا عليه في الماضي من حيث الشكل والمضمون، موضحًا أن الكتاب في الماضي كان يعتمد على الحفظ والتكرار وأدواته كانت بسيطة كاللوح والريشة والحبر وبرغم بساطته إلا أن الطلاب كان كل تركيزهم في الحفظ.

 

ويكمل: «كذلك الشيخ المحفظ كانت له رهبة وهيبة في نفوس تلاميذه مقارنة بالوضع الحالي، فما يحدث داخل الكتاتيب من عدم تركيز للطلاب في الحفظ يأتي لكثرة الانشغال بالهواتف الذكية والألعاب الإلكترونية فلم يعد يهتم بالحفظ وإذا حفظ سرعان ما ينسى ما حفظه».

 

ويضيف «جبريل» أن التلميذ في الماضي كان يجلس فترة طويلة داخل الكتاب يردد ما أخذه في القرآن مع زملائه الأمر الذي يساهم في ثبوت كلام الله في ذهنه، كما أكد أن الطلاب في الماضي كانوا محافظين على التعاليم التي يبثها القرآن الكريم فخرج جيلا من الأدباء والعلماء والمفكرين وأصحاب المهن الرفيعة.

 

 

 

الكتاتيب مرفهة

 

تشاركه الرأي فاطمة فرج أبو السعود، صاحب مكتب لتحفيظ القرآن، مؤكدة أنها تعمل في مجال تحفيظ كتاب الله منذ أكثر من 18 عاما، لافتة إلى أن تفكير الأطفال ومدى استيعابهم للحفظ اختلف من الماضي إلى الآن بسبب التطور التكنولوجي وأساليب التربية الحديثة واعتراض أولياء الأمور على أسلوب التحفيظ والدراسة ما قلل من هيبة الشيخ أمام تلاميذه.

 

وتقول: «في الماضي كان الأمر متروكا للشيخ.. كل أساليب العقاب فخرج جيلا مقدر قيمة شيخه، على الرغم من أن الطالب كان يذهب للشيخ في مكان غير مؤهل من حيث الإمكانيات، أما الآن كل الأماكن مجهزة بالمراوح والتكييفات ومع ذلك تجد الطلاب من يرفع صوته على شيخه ويشكو لوالديه من أسلوب العقاب».

 

أفضل من الماضي

 

من ناحية أخرى يرى الشيخ محمد عبدالرحمن البوهي، مدرس قرآن كريم وصاحب مكتب لتحفيظ كتاب الله، أن الكُتاب الآن وتحفيظ القرآن أفضل بكثير من الماضي، كذلك الاهتمام بإنشاء الكتاب أكثر من الماضي، مؤكدا أن محفظي القرآن الكريم حاليا كلهم مؤهلات عليا ولديهم القدرة على التعامل مع التلاميذ في سن صغيرة، مشيرا إلى أن الكتاب في الماضي كان يعتمد على الحفظ والتلقين فقط وبالتالي كان غير مهتمًا بتعليم القراءة والكتابة.

 

ويكمل: «كان التلميذ يدخل المدرسة لا يعرف القراءة والكتابة، أما الآن الكُتّاب يعتمد على تعليم التلميذ فنون القراءة والكتابة جيدًا ثم حفظ القرآن فيسهل عليه عند دخول المدرسة».

 

وأضاف «البوهي» أن المسابقات التي تنظم لحفظة القرآن الكريم تعطي حافزا لهم على الاستمرار في الحفظ واستكمال دراسة القرآن الكريم وقراءاته المتعددة، مشيرا إلى أن أولياء الأمور أنفسهم يتابعون ما توصل إليه أبناؤهم في الحفظ الأمر الذي يساهم في تنشيط عملية الحفظ والاهتمام بمعرفة تعاليم الدين الوسطية السمحة.

 

تفتيش الأزهر

 

وأكمل أن الدولة تهتم بإنشاء الكتاتيب في كل المحافظات من خلال المنطقة الأزهرية لكل محافظة وعمل تراخيص لإنشاء الكُتاب لمن يرغب في التقدم لامتحاناتها ومن يجتاز الاختبارات يحصل على ترخيص، مشيرا إلى أن المنطقة الأزهرية ترسل مفتشين على هذه الكتاتيب ومراقبتها ومحاسبة المقصرين.

 

وأضاف الشيخ شعبان كمال السماحي، صاحب مكتب لتحفيظ القرآن، أن كل زمن وله مميزاته وعيوبه، مشيرا إلى أن الكتاب قديمًا كان يعتمد على الحفظ الجماعي بين الطلاب الأمر الذي يساهم في عملية الحفظ، مؤكدًا أنه حاليًا اختلفت أساليب الحفظ ولم يعد بدائيا كما في الماضي واهتم أكثر بمعرفة القراءة والكتابة أولا.

 

أولياء أمور

 

وعن رأي أولياء أمور الطلاب في استمرار الكتاتيب، أكد سليمان قورة موظف بوزارة الثقافة، وولي أمر، قائلا إنه يهتم بإرسال أبنائه لكتاب القرية لما له من تأثير أفضل من الماضي وخاصة من الناحية العلمية، لأنه كما يرى أضاف لحفظ القرآن تعليم القراءة والكتابة، مؤكدا أن من يقوم بهذه العملية حاليًا لديهم علم بالجانب التربوي.

 

فيما قالت سناء شرف طبيبة وولي أمر، إن قدوة الشيخ في الكتاب لم تعد موجودة رغم أنه قد يكون متعلما وأكثر دراية إلا أن الطلاب لم تعد تهابه كما السابق، مؤكدة أن أساليب التربية الحديثة –حسب وصفها- جعلتهم يستقوون على مدرسيهم وشيوخهم ويحفظون القرآن ولا يعملون به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى