عاجلمقالات

إبراهيم فياض يكتب: غزة رمز العزة رغم الألم

في ظل ما يشهده العالم من مآسٍ إنسانية، وعلى رأسها ما يحدث في فلسطين من دمار وقتل وتشريد، تتعالى بعض الأصوات التي تهاجم كل مظاهر الفرح في مصر، متسائلين: “كيف يرقص الناس ويفرحون وجيراننا يموتون ورائحة الدم تملأ الأجواء؟” لكن الحقيقة أعقد من مجرد نظرة سطحية، وهي ترتبط بتاريخ من التضحيات، ومعاناة شعب، وحق أصيل في الفرح بعد سنوات من الألم.

نعم، مصر اليوم تحتفل وتفرح، ولكن ليس نكرانًا لدماء الأبرياء، بل لأنها تجاوزت واحدة من أصعب المراحل في تاريخها الحديث، حين كانت أرض سيناء، وتحديدًا العريش، مرتعًا للإرهاب القادم من جماعة حماس، التي لم تحمِ الفلسطينيين بقدر ما كانت عبئًا عليهم، وعلى جيرانهم.

الناس التي تحتفل اليوم، هي نفسها التي فقدت أبناءها في معارك الدفاع عن الوطن، هي التي دفنت شبابًا من خيرة أبناء الجيش والشرطه المصريه وهم يقاتلون الإرهاب الذي خرج من نفس الأرض التي يذرف البعض دموعهم عليها اليوم. من حقنا أن نتذكر شهداءنا، وأن ننتصر لهم بالفرح بانتصار دولتهم.

ثم، دعونا نكن صادقين مع أنفسنا: هل كل من ينتقدون مظاهر الفرح في الشارع المصري يؤجلون أفراحهم الخاصة؟ هل أحد ألغى عيد ميلاده، أو مناسبة أسرية، تضامنًا مع ما يجري في فلسطين؟ الحقيقة أن كثيرين يتعاملون مع الأمر كأنه موضوع “ترند”، لا أكثر.

شعب مصر، بكل فئاته، شعب عظيم، لا يحتاج دروسًا في الإنسانية. نحن نعلم حجم الألم، ونحزن، ونتضامن، ولكن لا يمكن اختزال مشاعرنا في صورة واحدة. لا أحد يملك أن يمنع شعبًا من الفرح بوطنه، خاصة حين يكون هذا الوطن قد طهر أرضه من الإرهاب، وأعاد الأمن إلى أبنائه.

أما عن الوضع في غزة، فلا يمكن تجاهل الحقيقة المؤلمة: إن السبب الرئيسي في دمارها هو سياسات حماس، التي حكمت القطاع بقبضة من حديد، وسخّرت موارده لصالح أجندات لا تخدم شعبها. إنها المسؤول الأول عن توريط المدنيين في حرب لا يملكون قرارها.

حماس ليست فقط حركة، بل أصبحت بمثابة “الحاكم بأمر الله” في غزة، هي من تمسك بزمام الجيش والشرطة والقرار السياسي هناك. والشعب الفلسطيني هو أول ضحاياها، قبل أن يكون ضحية لأي طرف خارجي. التضامن لا يعني تبرئة المسؤول الحقيقي عن الكارثة.

في النهاية، مصر وشعبها خط أحمر. ومن حق هذا الشعب أن يفرح بما حققته دولته من انتصارات داخلية وخارجية، أن يفرح بوجود رئيس وقف في وجه الإرهاب، وجعل العالم يحترم كلمته، واحتفل إلى جانبه كبار زعماء العالم. حتى من لا يفهم السياسة، من حقه أن يشعر بالفخر. الفرح هنا ليس قسوة، بل هو حياة انتزعناها بعد سنوات من الموت. وتحيا مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى