أنهت الأونصة العالمية تداولات أسبوع مليء بالتذبذب على ارتفاع محدود، بعد أن شهد تسجيل أعلى مستوى تاريخي في الذهب نتيجة تغير في توقعات الأسواق تجاه مستقبل الفائدة الأمريكية، ولكن مع نهاية الأسبوع فقد الذهب جزءا كبيرا من مكاسبه ليتطلع المستثمرون إلى الخطوة القادمة للذهب.
سجل سعر الذهب الفوري ارتفاعا خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.4% ليغلق عند المستوى 2165 دولارا للأونصة وذلك بعد أن وصل الذهب لأعلى مستوى تاريخي عند 2222 دولارا للأونصة وأدنى مستوى عند 2146 دولارا للأونصة.
ارتفع الذهب وسجل أعلى مستوى تاريخي في اليوم التالي لاجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي، ولكنه تراجع من هذا المستوى بشكل سريع ليستمر في التراجع التدريجي حتى نهاية الأسبوع ليفقد جزءا كبيرا من مكاسبه.
ونجح الذهب في البقاء فوق منطقة الدعم الهامة 2150 – 2145 دولارا للأونصة، وهو ما يدعم إمكانية صعود السعر خلال الفترة القادمة من جديد، ولكن قد يسيطر الحياد على تداولات الذهب خلال الأسبوع القادم بشكل أكبر بعد أن تراجع الذهب سريعا ليتداول تحت المستوى 2200 دولار للأونصة بمجرد تسجيله المستوى التاريخي.
أبقى البنك الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة ثابتة عند نطاق 5.25% – 5.50%، ولكن أعضاء البنك توقعوا خفضها بمقدار 75 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2024 دون تغيير عن توقعاتهم الأخيرة في ديسمبر الماضي، بينما عدد الأعضاء المصوتين لخفض الفائدة تزايد هذا الاجتماع عن التوقعات الأخيرة، بالإضافة إلى هذا رفع البنك الفيدرالي من توقعاته لمعدل التضخم هذا العام إلى 2.6% من توقعاته السابقة عند 2.4%، ليصف البنك التضخم هذا الاجتماع بأنه لا يزال مرتفعاً، وكان هذا هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار الذهب وتسجيله مستوى قياسيا.
ومع عودة ارتفاع الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1% ليسجل أعلى مستوياته في 3 أسابيع مقابل سلة من العملات الرئيسية وفقاً لمؤشر الدولار الأمريكي هبط الذهب وشهد تذبذبا واضحا بعد وصوله للقمة التاريخية 2222 دولارا.
ارتفاع الدولار جاء نتيجة الدعم الذي حصل عليه نتيجة للتخفيض المفاجئ لسعر الفائدة من قبل البنك المركزي السويسري، إلى جانب الإشارات الحذرة من البنك المركزي البريطاني لاتجاهه إلى خفض الفائدة ليدفع الجنيه الإسترليني إلى الهبوط الحاد، مما صب في صالح الدولار باعتباره العملة الرئيسية الوحيدة ذات العائد المرتفع والمنخفضة المخاطر.
أيضاً علامات المرونة في الاقتصاد الأمريكي التي ظهرت مع بيانات مؤشر مديري المشتريات القوية أبقت الأسواق تتجه بشكل كبير نحو الدولار، وتسبب هذا في الضغط السالب على أسواق الذهب، بالنظر إلى أن الاستثمار في المعادن الثمينة مثل الذهب لا يقدم أي عوائد مباشرة.
وتوقع تحليل جولد بيليون أن يتسبب تخفيض أسعار الفائدة الأمريكية هذا العام في وصول الذهب لمستويات 2300 دولار للأونصة خاصة أن خفض الفائدة أمر لا مفر منه وسيصب في صالح أسعار الذهب في وقت لاحق، حيث تضع العديد من المؤسسات المالية العالمية سعرا مستهدفا للذهب لنهاية العام عند 2300 دولار.
أيضاً أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي تسجيل صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب أول صافي تدفقات نقدية داخلة خلال الأسبوع المنتهي في 15 مارس بمقدار 1 طن ذهب، وذلك بعد 10 أسابيع متتالية من تسجيل صافي تدفقات خارجة.
يدل هذا على عودة الاهتمام بالطلب الاستثماري على الذهب نتيجة لاقتناع الأسواق أن أسعار الفائدة الأمريكية تقترب من الانخفاض وبالتالي يزيد هذا من الفرص الاستثمارية للذهب ويقلل من تكلفة الفرصة البديلة لديه كونه لا يقدم عائدا لحائزيه.
أسعار الذهب في مصر
تميز الأسبوع المنتهي في تداولات الذهب المحلي بالتذبذب بشكل كبير نتيجة تأثر السعر بحركة سعر أونصة الذهب العالمي التي شهدت أسبوع غير مستقر تضمن تسجيل أعلى مستوى تاريخي، وافتتح الذهب المحلي عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم السبت عند المستوى 3020 جنيه للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجلود بيليون عند نفس المستوى، يأتي هذا بعد أن انخفض الذهب أمس بمقدار 20 جنيه حيث أغلق جلسة الأمس عند المستوى 3020 جنيه للجرام وكان قد افتتح الجلسة عند 3040 جنيه للجرام.
خلال الأسبوع الماضي ارتفع سعر الذهب المحلي بنسبة 2.4% ليربح 70 جنيه، حيث أغلق عند المستوى 3020 جنيه للجرام وكان قد افتتح تتداول الأسبوع عند المستوى 2950 جنيه للجرام.
خلال الأسبوع ارتفع سعر الذهب وسجل أعلى مستوى عند 2140 جنيه للجرام بدعم من تسجيل سعر الأونصة العالمية أعلى مستوى تاريخي عند 2222 دولار للأونصة، ولكنه عاد سريعاً إلى التذبذب حول المستوى 3000 جنيه للجرام.
سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية استمر في التراجع التدريجي خلال الأسبوع الماضي ليتداول تحت المستوى 47 جنيه لكل دولار، هذا بالإضافة إلى تراجع الطب المحلي على الذهب خلال الفترة الحالية الأمر الذي دفع السعر إلى التأثر بتحركات سعر الذهب العالمي.
من جهة أخرى استمرت الأخبار المتعلقة بالتدفقات الدولارية لمصر منذ الإعلان عن تحرير سعر الصرف وتوقيع صفقة الاستثمار في رأس الحكمة، ليعمل هذا على تحقيق هدوء كبير في الأسواق.
خلال الأسبوع المنتهي قامت المؤسسة المالية الأمريكية جولدمان ساكس بتعديل توقعاتها للفجوة التمويلية لمصر لتشير إلى تحقيق فائض يصل إلى 26.5 مليار دولار خلال 4 سنوات مقارنة مع العجز السابق عند 13 مليار دولار.
يأتي هذا بعد الإعلان عن حزمة تمويلية من الاتحاد الأوروبي بقيمة 8.06 مليار دولار خلال الفترة من 2024 – 2027، الأمر الذي يزيد من السيولة الدولارية خلال الفترة القادمة ليغطي الاحتياجات التمويلية لمصر.
وقد انعكس هذا على البنوك المصرية التي قام عدد منها برفع حدود المعاملات الدولية على البطاقات الائتمانية، إلى جانب الافراج عن البضائع المتراكمة في الجمارك.
يعتزم البنك الدولي أيضاً تقديم حزمة تمويلات إلى مصر بقيمة تصل إلى 6 مليار دولار خلال الثلاث سنوات القادمة. كما طلبت مصر من صندوق النقد الدولي أن تكون قيمة الشريحة القادمة في شهر ابريل 5 مليار دولار، وذلك بعد أن حصلت على شريحة أولى بقيمة 1.5 مليار دولار، حيث تم الاتفاق مع الصندوق على زيادة القرض المقدم لمصر من 3 مليار دولار إلى 8 مليار دولار.
من جهة أخرى قامت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني برفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية بعد أن كانت مستقرة، لتتبع خطى وكالة موديز التي رفعت التصنيف من سلبية إلى إيجابية.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
أغلق سعر أونصة الذهب العالمي في منطقة حيادية بعض الشيء خلال الأسبوع الماضي الأمر الذي قد يدعم التذبذب في التحركات خلال الأسبوع القادم، وذلك بعد أن ارتفع الذهب العالمي ليسجل أعلى مستوى تاريخي خلال الأسبوع الماضي بسبب توقعات أعضاء الفيدرالي بخفض الفائدة بالرغم من بقاء التضخم أعلى من المستهدف.
شهد سعر الذهب المحلي تذبذب خلال الأسبوع الماضي بسبب تأثره بالتذبذب الكبير في سعر أونصة الذهب العالمي، خاصة في ظل استمرار سعر صرف الدولار في البنوك في التراجع بشكل تدريجي بينما الطلب على الذهب المحلي يبقى محدود بعض الشيء وهو ما ساعد على تأثر السعر المحلي بالتغيرات في السعر العالمي.
أغلق سعر أونصة الذهب العالمي تداولات الأسبوع فوق المستوى 2160 دولار للأونصة ليبقى فوق منطقة الدعم الرئيسي 2150 – 2145 دولار للأونصة الأمر الذي يبقي فرص الصعود متاحة أمام الذهب، ولكن في المقابل نجد أن السعر قد تراجع بشكل سريع بعيدا عن المستوى 2200 دولار للأونصة، الأمر الذي يدل على ضعف الزخم الصاعد.
يظل الذهب بحاجة إلى تصحيح سلبي صحي حتى يستطيع تجميع زخم صعود كافي، ولكن تمسك قوى الشراء بالذهب وانخفاض عمليات البيع لجني الأرباح تحد من انخفاض السعر، الأمر الذي قد يدفع السعر إلى بعض التحركات العرضية بهدف التصحيح، ولكن مع وجود حافز مناسب واختراق منطقة الدعم المشار إليها سنشهد تراجع في سعر الذهب مع مستهدفات مبدئية عند 2120 و 2100 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي:
شهد الأسبوع الماضي تذبذب سعر الذهب المحلي حول المستوى 3000 جنيه للجرام عيار 21 بين صعود هبوط، وقد استطاع السعر الارتفاع والوصول إلى مستهدف الصعود قصير الأجل بالقرب من 3150 جنيه للجرام، ولكنه تراجع بشكل سريع من هذه المستويات لتبقى التداولات بالقرب من المستوى 3000 جنيه للجرام.
الجدير بالذكر أن استمرار التراجع التدريجي في سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية بالإضافة إلى تراجع الطلب المحلي حالياً يساهم بشكل كبير في الحد من فرص ارتفاع سعر الذهب وزيد من فرص التذبذب.