يستهدف برنامج عمل الحكومة الجديدة، تحقيق معدلات نمو بمتوسط يتجاوز 5% خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يتطلب توفير تمويلات ميسرة للشركات للتوسع والنمو وزيادة فرص العمل لدفع نمو الناتج المحلى الإجمالى.
ولكن فى ظل السياسة النقدية المتشددة التى ينتهجها البنك المركزى المصرى لمجابهة التضخم وتحقيق استقرار بسوق الصرف، اتخذ البنك إجراءات استثنائية برفع أسعار الفائدة 600 نقطة أساس وأسبقها برفع 200 نقطة أساس ليصل الإجمالى 800 نقطة أساس لتصل أسعار الفائدة لمستويات 28.25% للإقراض، وتتجاوز مستويات 30% حسب مستوى مخاطر كل شركة أو مشروع يرغب فى الاقتراض. وبالتالى فإن أى أن أية شركة أو مشروع ترغب فى الحصول على تمويل ستدفع تكلفة لهذا التمويل تتخطى الـ30% فى حين أن مستويات الربحية للشركات وفقا لظروف السوق الحالية لن تستطيع تحمل أعباء هذه التكلفة التمويلية الكبيرة، ومن مضى فى هذا الطريق من الشركات سيتعرض لخسائر أو تتأكل مستويات ربحيته لما يؤثر على تدفقاته النقدية التشغيلية والتى ستحوله أجلاً أم عاجلاً لشركة غير قادرة على سداد هذه التكاليف أو حتى أصل القروض.
ويتبقى أمام معظم الشركات التى تبحث عن مصدر تمويل متاح ومستدام وبدون تكاليف وبدون أعباء أو التزامات وبدون فقد السيطرة على الشركة أو تعثرها وهى البورصة أو سوق المال، والتى تعد بوابة التمويل الأهم للشركات ومصدر لتمويل قائم على المشاركة الاستثمارية وليست الاستدانة والتى تدعم التوسعات الرأسمالية والتشغيلية للشركات وتساعدها على النمو والتطور بدون أية تكاليف أو أعباء تمويلية. وقد تغفل بعض الشركات عن هذه البوابة التمويلية لعدم علمها بوجودها من الأساس أو لمعلومات مغلوطة وغير صحيحة وصلت إليهم من غير المهنيين المتخصصين، رغم أن البورصة مثلت طريق النجاح والتطور للعديد من الشركات والتى بطرح أسهمها فى البورصة ساعدها على النمو بشكل كبير وتحولت لشركات عملاقة.
الطرح بالبورصة أفضل من الاقتراض
يوفر الطرح فى البورصة مزايا عن الاقتراض من البنوك فى ظل الفوائد الباهظة خلال هذه الفترة، وأبرزها أولاً: القيمة العادلة للطرح سيتم إعدادها من قبل مستشارين ماليين مستقلين والتى ستحدد قيمة بيع الحصص فى الشركات وتخضع للمراجعة مسبقا من الجهات الرقابية والتنظيمية قبل إعلان القيمة العادلة وتنفيذ الطرح، ثانيا: يتم طرح حصة محدودة أسهم الشركة أى غير حاكمة من رأس المال وبالتالى فإنه ستستمر سيطرة قدامى المساهمين أو المؤسسين على ما لا يقل عن 51% من أسهم الشركة محل الطرح وستظل تحت إدارتها.
ويؤثر الجزء المطروح من الشركات على عديد من المستثمرين وفقا لقواعد القيد بالبورصة بألا يقل عن 300 مستثمر للسوق الرئيسى و100 مستثمر لسوق الشركات الصغيرة والمتوسطة وبدون حد أقصى، وبالتالى فلن تكون الحصة المباعة من الشركة عن طريق الطرح فى يد مستثمر أو اثنين أو ثلاثة بلا سيمتلكها ما لا يقل عن 300 مستثمر وقواعد التداول فى البورصة المصرية تمنع سيطرة مجموعة من المستثمرين مرتبطين على الحصة المطروحة من الشركة.
كما أن الطرح بالبورصة يوفر آلية تسعير يومية سوقية لقيمة الشركات المطروحة، كما يضمن طرح الشركات فى البورصة تطوير هذه الشركات وتعزيز الشفافية والحوكمة والإفصاح مما يجعل أداء الشركات تحت متابعة يومية وتقييم دائم لها، كما يمنح لها الفرص لزيادة رأسمالها فى أى وقت عن طريق البورصة لتمويل التوسعات الاستثمارية والتشغيلية مما يمنحها قدرات هائلة على التوسع والنمو وبالتالى تعظيم قيمة الشركات وزيادة مستويات الربحية وقيمة الأصول التشغيلية مما يزيد من أرباحها بشكل مستمر ويعظم من قيمتها لمساهميها.
وحددت دراسات، مفهوم الطرح فى البورصة هو بيع جزء من ملكية الشركة للمستثمرين فى البورصة «السوق الأولى» ثم بعد ذلك يتم التداول على الأسهم المطروحه بيعا وشراء «السوق الثانوى»، وذلك على عكس التمويل عن طريق القروض والتى تحصل الشركة عليها بعد تقديمها ضمانات أو رهن أصول هذه الشركات وتلزم برد أصل مبالغ التمويل مضافا عليها فوائد تتخطى الـ30% وقد يضاف عليها غرامات تأخير إن حدث تأخير عن مواعيد سداد أقساطها، فى حين أن الطرح بالبورصة هى مشاركة استثمارية مع مساهمى الشركة ولا يلزم برد ما حصلت عليه الشركة من تمويل عن طريق الطرح ولا توجد أية فوائد تدفع أو تقديم أية ضمانات أو رهن لأصول هذه الشركات؛ بل لا يقتصر حصول الشركات على تمويل من البورصة عن طريق طرح أسهمها بالبورصة أو زيادة رأسمالها بإصدار أسهم جديدة فقط.
وهناك مصادر تمويلية أخرى مثل إصدار سندات أو الصكوك المتوافقة مع المعايير الشريعة أو من خلال عمليات التوريق لمحفظة عملائها الآجلين، كما يمكن للشركات عند طرح أسهمها بالبورصة أن تصدر شهادات إيداع دولية أو ما يطلق عليها الـGDR فى بورصة لندن ليكون متاحا أن تحصل على تمويلات بالدولار الأمريكى كما يمكنها بعد طرحها فى البورصة وعند زيادة رأس مالها للحصول على تمويلات أن تصدر حقوق الاكتتاب وتداولها.
مزايا الطرح بالبورصة لا تقتصر على التمويل
يؤكد خبراء سوق المال أن طرح الشركات بالبورصة يوفر لها سوقا منظما بما يمكن الشركات المقيدة من الحصول على التمويل المطلوب من خلال المستثمرين الجدد عن طريق زيادة رأس المال بإصدار أسهم جديدة أو من خلال إصدار سندات أو صكوك تمويل، كما تعتبر البورصة سوقا منظما يمكن المستثمرين من التخارج من الشركات المقيدة ونقل ملكياتهم بها عبر نظام تداول لتعد آلية آمنة للتخارج مما يمكن المستثمرين فى الشركات المطروحة من تسييل أوراقهم المالية بعيدا عن الشركة المطروحة والحصول على أموالهم فى صورة نقدية بأقل تكلفة وبأسرع وقت ممكن من خلال السوق الثانوى فى حين أن الشركة قبل طرحها فى البورصة تعتمد عملية البيع أو نقل الملكية والتخارج على الاتفاق بين البائعين والمشترين مباشرة وتنفذ فى سوق خارج المقصورة بقيمة استثمارية وليست قيمة عادلة.
كما أن طرح الشركات بالبورصة يمكنها من الحصول على تمويل كبير بطريقة أسهل وبشروط أفضل فعادة تلجأ الشركات للحصول على تمويل كبير للبنوك للحصول عليه وهو ما يتطلب منها دفع فوائد عالية على المبالغ المقترضة فضلاً عن الالتزام بدفع الفوائد المالية بغض النظر عن نتائج أعمال الشركة وسواء حققت أرباحا أم خسائر بخلاف التمويل عن طريق الطرح فى البورصة لمستثمرين حيث لا يتم توزيع أرباح عليهم إلا إذا حققت الشركة أرباحا وكذلك فإن الشركات لا تلتزم برد مبلغ التمويل للمساهمين من المستثمرين إذ يستطيع المساهمون بيع حصصهم متى رغبوا بذلك فى البورصة وليس كما هو الأمر عليه فى القروض حيث تلتزم الشركة بدفع أصل مبلغ القرض على دفعات.
كما يمنح طرح الشركات فى البورصة صورة أفضل وسمعة للشركة، حيث تزيد عملية طرح الأسهم للطرح بالبورصة من معرفة الناس بالشركة ونشاطاتها مما يزيد كذلك من رغبة الناس فى التعامل معها وشراء منتجاتها وتزيد ثقة الموردين فى منحها التسهيلات نظرا لثقتهم فى ملاءتها وفى خضوعها لقواعد الإفصاح والشفافية؛ كذلك فإن طرح الشركة بالبورصة يمنح مساهميها السهولة فى الخروج من الشركة وبيع الحصص، فإذا رغب أى من الشركاء المؤسسين أو قدامى المساهمين الخروج من الشركة وبيع حصته فيها فإنه سيتمكن من ذلك بكل سهولة، حيث إن أسهم الشركة تكون مدرجة فى سوق الأوراق المالية مما يعنى أنه سيجد سوقا جاهزة للشراء بسعر سوقى بخلاف أنواع الشركات غير المقيدة التى يصعب كثيرا بيع الحصص فيها للغير وكثيرا ما تثور الخلافات حول تقييم الأسهم.
ومن مزايا طرح الشركة بالبورصة جذب الموظفين الأكفاء والحفاظ عليهم من أصحاب الخبرة والكفاءة، ويرغب العديد منهم فى الابتعاد عن الشركات العائلية وتلك التى تدار من قبل المالكين لها حيث لا يوجد فيها فصل للملكية عن الإدارة، إذ لا يرون لهم مستقبلاً فى تسلق السلم الوظيفى للوصول إلى أعلى الهرم، فضلاً عن أنهم لا يجدون أملاً فى تملك حصص فى رأسمال الشركات العائلية وشركات الأشخاص مهما تفانوا فى خدمة الشركة والعمل على تطويرها بخلاف الشركات المطروحة بالبورصة، حيث تستطيع إدارة الشركة منح الموظفين حوافز من خلال تمكينهم من تملك أسهم فى الشركة أو خيارات بشرائها مستقبلاً بسعر مفضل بدلاً من منحهم مكافآت نقدية أو توزيعات أرباح نقدية وهو مايطلق عليه تحفيز موظفيها عبر تطبيق أنظمة إثابة وتحفيز العاملين والتنفيذيين فى شكل تملك أسهم فى الشركة.
كما أن إدراج الشركة فى البورصة أمرا يسهم فى القيام بعقد مقارنة مع الشركات المنافسة فى نفس المجال أو ذات القطاع أو الصناعة فى ضوء تنوع القطاعات الممثلة فى البورصة كما يمنح الشركة الدعاية المباشرة وغير المباشرة للشركة ولأعمالها وأنشطتها فضلا عن إضافة المزيد من الثقة فى مصداقية الشركة أمام عملائها والموردين مما يساعد المستثمرين من حملة الأسهم الحاليين أو المحتملين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بشكل أكثر كفاءة.
البورصة توفر التمويل وتحمى من التعثر
يسهم توجه الشركات للقيد فى البورصة من خلال طرح جزء من أسهمها فى سوق المال، يوفر لها فرصا غير محدودة للتمويل والتوسع بدون تعقيدات وحمايتها من التعثر والانهيار، وتطوير هذه الشركات من خلال تحولها إلى شركات مساهمة عامة ومقيدة فى البورصة والتى سيمكنها من الحصول على تمويل طويل الأجل لتنمية وتطوير أعمالها عن طريق زيادة رأسمالها أو طرح جزء من أسهمها.
ويمنح طرح الشركات فى البورصة مركزا أقوى أمام العملاء والموردين والبنوك والتسويق لعلامتها التجارية واسم الشركة وتحديد يومى للقيمة السوقية للشركة، وحماية حقوق المساهمين وتسهيل عملية التخارج للمساهمين فى أى وقت عن طريق سوق المال وبالقيمة السوقية ودون التأثير على استمرارية الشركة، وكذلك فرص للاستحواذ والاندماج لتكوين كيانات أكبر، وذلك بدعم من مؤسسات استشارية متخصصة وهم ما يطلق عليهم وكلاء القيد والرعاة المعتمدون، والذين يؤهلون الشركات للقيد فى البورصة ويساعدون فى عملية طرح الأسهم وزيادة رؤوس الأموال والالتزام بقواعد القيد والإفصاح وإعداد التقارير الدورية.
مثلث نجاح الطروحات
يرى محمد رضا، الرئيس التنفيذى لمجموعة سوليد كابيتال أفريقيا والخليج العربى، أن نجاح عملية طرح الشركة بالبورصة، يتطلب قيمة عادلة، وتوقيتا مناسبا وترويجا أمثل لضمان نجاح الطروحات؛ حيث يجب تحديد قيمة عادلة لطرح الأسهم وتسعير الأسهم بشكل جذاب، واختيار التوقيت المناسب للطرح بحيث يكون السوق مهيئا للطرح من حيث أحجام التداول والسيولة وشهية المستثمرين والقطاعات ذات النمو؛ وكذلك القيام بأعمال الترويج للطروحات عن طريق مؤسسات متخصصة واستقطاب عملاء المؤسسات وعملاء الأفراد ذوى الملاءة، كما يفضل فى الطروحات ذات الأحجام الكبيرة توفير صانع سوق معتمد من الجهات الرقابية والتنظيمية واستخدام آلیة استقرار سعر السهم بالسوق عقب الطرح لفترة زمنية محددة.
قال رضا إن الطرح بالبورصة يتطلب مجموعة من المتخصصين المعتمدين من الجهات الرقابية والتنظيمية يشمل وكيل قيد فى حالة طرح شركة بالسوق الرئيسى أو راعى معتمد فى حالة طرح شركة بسوق الشركات الصغيرة والمتوسطة لتأهيل الشركة وتوفيق أوضاعها للقيد فى البورصة ويساعدون فى عملية طرح الأسهم وزيادة رؤوس الأموال والالتزام بقواعد القيد والإفصاح وإعداد التقارير الدورية؛ وكذلك مستشار مالى مستقل لتحديد القيمة العادلة للسهم؛ والمستشار القانونى لإعداد نشرة الطرح ومذكرة المعلومات وتنفيذ الإجراءات القانونية والإجرائية؛ وكذلك مديرا للطرح للترويج للطرح العام والخاص وإدارة الطرح الخاص؛ ثم سمسار أوراق مالية لتنفيذ عملية الطرح على شاشات الـOPR فى السوق الأولى.
البورصة العقارية حل الفقاعة العقارية
يواجه القطاع العقارى، تحديا ارتفاع أسعار الفائدة مما يشكل عبئا على تمويل إنشاء المشروعات التى سبق بيعها للعملاء، مما دفع البعض للتحذير بإمكانية مواجهة القطاع فقاعة عقارية، لذا تصبح البورصة الخيار الأفضل لتمويل إنشاء المشروعات، خاصة أن هناك العديد من الشركات العقارية الكبرى المقيدة بسوق المال مثل مجموعة طلعت مصطفى القابضة، وبالم هيلز، والسادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار-سوديك، ومصر الجديدة للإسكان والتعمير، ومدينة مصر للإسكان والتعمير، وغيرها والتى بطرح أسهمها فى البورصة ساعدها على النمو بشكل كبير وتحولت لشركات عملاقة.
ويرى خبراء السوق أن الحل لمواجهة أية مخاطر محتملة فى القطاع العقارى من ركود أو فقاعة عقارية أو غيرها وهى بسرعة إطلاق وتدشين البورصة العقارية فى مصر، والتى ستمثل آلية تسعير عادلة وحقيقية للعقارات فى مصر بناءً على قوى العرض والطلب الفعلية وستحدث رواجا فى عمليات الشراء والبيع وجذب استثمارات كبيرة وخاصة الأجنبية منها فى هذا القطاع.
كما أن البورصة العقارية تستهدف تحويل الأصل العقارى إلى حصص ملكية تقوم بشرائها الشركات والمستثمرين؛ على سبيل المثال المبنى الذى يتم إدراجه فى البورصة العقارية يشترط أن يكون مسجلا فى الشهر العقارى ثم يتم قيده فى البورصة وبدء التداول عليه حيث لها آلية واضحة لعملها تشمل تحويل الأصل العقارى إلى حصص عقارية توازى وحدات مترية تمثل وثيقة ملكية قابلة للتداول من خلال سوق خاص لتداول ونقل ملكية الأصول العقارية.
واستكمل أن هذا السوق سيعتبر منصة تجارية تُمكّن المستثمرين والشركات العقارية من شراء وبيع حصص فى أصول عقارية أو الاستثمار فى مشروعات عقارية، كما تحقق البورصة العقارية التكامل مع الأسواق العقارية التقليدية ووسائل الاستثمار العقارى ومنها الصناديق العقارية، حيث توفر فرصا للتداول اللحظى والاستثمار وإحداث طفرة فى دخول سيولة فى قطاع العقارات.