عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: مصر وتجديد العهد مع الفلسطينيين

تظل القضية الفلسطينية شريانًا نابضًا في قلب السياسة الخارجية المصرية، رغم تعاقب الأزمات الإقليمية والدولية التي حاولت تهميشها أو طمس معالمها. اليوم، تجدد مصر تمسكها بمبادئ التسوية السياسية العادلة، رافضة أي محاولات تسويف أو تفريط في حقوق الشعب الفلسطيني. هذا الموقف الثابت لم يأتِ من فراغ، بل من إيمان عميق بأن فلسطين هي قضية الأمة المركزية، وأن تجاهلها هو وصفة مضمونة للفوضى والخراب في المنطقة.

فلسطين.. جوهر الصراع واستمرار الجرح

الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ليس مجرد نزاع حدودي أو صراع على الأرض. إنه صراع وجودي مرتبط بالحق التاريخي لشعب اقتُلع من أرضه قسرًا، واستبدل بمستوطنات غير شرعية تتوسع كالسرطان يومًا بعد يوم. مصر، ومنذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، لم تتوقف يومًا عن التأكيد أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة هو الطريق الوحيد لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

ولكن أين يقف المجتمع الدولي من هذا؟ تتغنى الدول الكبرى بمفاهيم حقوق الإنسان والعدالة الدولية، لكنها تصمت صمت القبور أمام الجرائم اليومية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني. هل صمتهم هذا جهل أم تواطؤ؟

الاستيطان والتهجير: جرائم ضد الإنسانية في وضح النهار

إن إصرار إسرائيل على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وممارساتها القمعية في القدس المحتلة، ليس مجرد خرق للقانون الدولي، بل هو تحدٍ فج للإرادة الدولية. الاستيطان ليس بناء عشوائيًا، بل هو سياسة ممنهجة تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من جذورهم، وخلق واقع ديموغرافي جديد يُفشل أي فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية.

أما التهجير القسري، فهو جريمة لا تغتفر. كيف يمكن للعالم أن يغض الطرف عن مشاهد العائلات الفلسطينية وهي تُطرد من بيوتها، ليحل محلها مستوطنون يحملون جنسيات أجنبية؟ هذه الجرائم، التي تُنفذ على مرأى ومسمع العالم، تُذكرنا بمآسي الاستعمار البائد الذي لطالما أدانه الغرب، لكنه اليوم يصمت أمام نسخة أكثر قسوة ووحشية منه.

مصر.. خط الدفاع الأول عن الحقوق الفلسطينية

في ظل هذا المشهد القاتم، تبرز مصر كصوتٍ عاقلٍ وشجاع، لا يخشى مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية. دعم مصر للقضية الفلسطينية لم يكن يومًا شعارات جوفاء، بل خطوات ملموسة على أرض الواقع. من جهودها لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى استضافتها لجولات المصالحة الوطنية الفلسطينية، كانت مصر دائمًا على قدر المسؤولية، تدافع عن الحق الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة.

لكن القاهرة لا تعمل بمعزل عن المجتمع الدولي. فهي تُحذر – بصوت عالٍ وواضح – من مغبة استمرار الاحتلال ومن عواقب تجاهل حقوق الفلسطينيين. فلا استقرار في الشرق الأوسط، ولا أمان للعالم، ما دامت قضية فلسطين دون حل عادل وشامل.

دعوة لتحمل المسؤولية: أين العالم؟

في مواجهة هذا المشهد، تُسائل مصر العالم: أين أنتم من قرارات الشرعية الدولية التي تنص على حل الدولتين؟ لماذا لا تُطبقون قراراتكم التي تطالب بوقف الاستيطان؟ إن صمت المجتمع الدولي هو مشاركة ضمنية في الجريمة.

إن الدعوة المصرية لإحياء حل الدولتين ليست خيارًا، بل هي ضرورة. الدولة الفلسطينية يجب أن تُقام على حدود 4 يونيو 1967، بعاصمتها القدس الشرقية. أي محاولة للالتفاف على هذا الحل لن تؤدي إلا إلى إشعال مزيد من الحروب والصراعات التي ستدفع ثمنها الأجيال القادمة.

رسالة أخيرة: لا تسوية دون عدالة

إن مصر، التي دفعت دماء أبناءها في حروب عدة من أجل فلسطين، لن تقبل يومًا بحلول ناقصة أو تسويات شكلية. هذا الموقف ليس عنادًا، بل هو التزام أخلاقي وإنساني يعكس قيم الحق والعدل.

أيها العالم، حان الوقت لاتخاذ موقف حاسم. القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية عربية أو إسلامية، بل هي اختبار حقيقي لمبادئ الإنسانية. ومصر، بقيادتها الحكيمة، تظل صوتًا للحق في وجه كل الظلم، داعمةً للشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه كاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى