تلعب مصر عبر تاريخها دورًا محوريًا ومهمًا في خدمة القضية الفلسطينية، التي كانت ولا زالت تمثل قضية العرب الأولى، وتسعى القاهرة بكل جهدها من أجل تحقيق الوحدة الفلسطينية بين أبناء الوطن الواحد.
وترعى مصر ملف المصالحة الفلسطينية على طول الطريق بغية التوصل لاتفاقٍ يُنهي الانقسام الفلسطيني ويعيد ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل.
وفي ظل الأوضاع العصيبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني حاليًا وسط استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والمستمرة لما يقرب من 400 يوم، بات الحاجة إلى المصالحة الفلسطينية أهم من أيٍ وقتٍ مضى، وذلك من أجل تكاتف أبناء الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة العدوان الإسرائيلية.
ووصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الأحد 3 نوفمبر، إلى مصر في زيارة رسمية، تلبية لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ للمشاركة في الجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدى الحضري العالمي في دورته الثانية عشرة، في زيارة يُرتقب أن تشهد مباحثات تجمع قادة حركتي “فتح” و”حماس”، إلى جانب الفصائل الفلسطينية الرئيسية حول ملف إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة.
يأتي ذلك ضمن فصول دعم مصر للقضية الفلسطينية، والتي تعددت أوجهها في الماضي، وتواصلت خلال الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، والتي أسقطت أكثر من 43 ألف شهيد حتى الآن.
دعم مصر لفلسطين خلال حرب غزة
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل أكثر من عام قدمت مصر الدعم الكبير للشعب الفلسطيني في غزة سواء الدعم المعنوي للمقاومة الفلسطينية ورفض العدوان الإسرائيلي إلى جانب إرسال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة المتضررين واستقبال آلاف المصابين والجرحى الفلسطينيين جراء هذا العدوان.
ولعبت مصر إلى جانب قطر دورًا في الوساطة من أجل التوصل لاتفاق الهدنة الإنسانية في غزة وصفقة تبادل الرهائن، والتي كانت خلال الفترة من 24 نوفمبر وحتى الأول من ديسمبر.
كما قام الجيش المصري بالتعاون مع عدد من البلدان بعملية إنزال للمساعدات بشكل جوي إلى أنحاء مختلفة من قطاع غزة، في محاولة لفك الحصار وإيصال المساعدات للفلسطينيين في غزة، والذي يواجهون شبه المجاعة.
كما انضمت مصر إلى دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، والرامية إلى مقاضاة إسرائيل بتهمة ارتكاب حرب إبادة جماعية في قطاع غزة.
وأعلنت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية في 12 مايو الماضي، عن اعتزامها التدخل رسميًا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة.
وطالبت مصر إسرائيل بالامتثال لالتزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، وتنفيذها للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي تطالب بضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية على نحو كافٍ يلبي احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة، وعدم اقتراف القوات الاسرائيلية لأية انتهاكات ضد الشعب الفلسطيني باعتباره شعب يتمتع بالحماية وفقًا لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية.
وجددت مصر مطالبتها لمجلس الأمن والأطراف الدولية المؤثرة، بضرورة التحرك الفوري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والعمليات العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين.
وفي بداية الحرب، وقفت مصر كحائط صد للمخطط الإسرائيلي، الذي كان يهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه إلى سيناء، وهو ما أفشل مخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تهجير الفلسطينيين من غزة والاستيلاء على القطاع وفرض واقع زائف بقوة السلاح.
ولا تزال مصر إلى جانب الأشقاء في قطر تقوم بكل جهدها من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار في قطاع غزة يُنهي تلك الحرب الغاشمة على الشعب الفلسطيني والمتواصلة منذ 390 يومًا.
جهود السيسي من أجل فلسطين
وقبل عملية طوفان الأقصى، تعددت أشكال الدعم المصري للقضية الفلسطينية خلال عشر سنوات من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي ظهرت من الأيام الأولى له من توليه السلطة والجهود التي بذلتها لمصر لوقف العدوان على غزة في يوليو 2014.
وخلال شهر رمضان في عام 2018، وجه الرئيس السيسي بفتح معبر رفح طوال الشهر الكريم، وكانت هذه أكبر مدة يفتح فيه المعبر منذ سنوات.
وخلال العدوان الإسرائيلي السابق على قطاع غزة، خلال الفترة من 11 إلى 21 مايو 2021، لعبت مصر دورًا في التوصل إلى اتفاق التهدئة بين إسرائيل وحركة “حماس”، وهو ما تكلل لاتفاق وقف إطلاق النار بعد 11 يومًا من العدوان الإسرائيلي آنذاك.
ووفرت مصر وقتها أكبر قافلة ضمت 80 شاحنة مساعدات طبية وإنسانية عاجلة بعد القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة عدة أيام.
كما وجه الرئيس السيسي بمنحة مالية بمبلغ 500 مليون دولار من أجل عملية إعادة إعمار غزة وقتها بعد الدمار الذي لحق بالقطاع نتيجة العدوان.
ورعت القيادة المصرية على مدار الفترة الماضية اجتماعات الفصائل الفلسطينية، على رأسها حركتا “فتح” و”حماس”، وذلك من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني وإتمام المصالحة والوحدة الوطنية.
ومن أبرز تلك الاجتماعات كانت في نهاية شهر يوليو عام 2023 في مدينة العلمين، ترأسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبحضور الراحل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” آنذاك.